Wednesday, March 30, 2016

مقابلة مع مجلة الشراع


ألإثنين 28 آذار/مارس 2016




سفير لبنان الأسبق لدى واشنطن رياض طبارة:أمام سورية جولات عدة قبل الوصول الى حل جزئي والضغط على حزب الله سيزداد




سفير لبنان الأسبق في واشنطن رياض طبارة





*روسيا حققت جزءاً من حلمها في سورية ولم تحارب ((داعش))
*((
جنيف 3)) سيفشل بانتظار جولات وجولات قبل الوصول الى حل جزئي
*
ما يحصل بين روسيا وأميركا هو بالون اختبار يتجسد في الفدرالية
*
الانفتاح الايراني على دول الجوار يتزايد مع تزايد قوة روحاني
*
في عهد اردوغان من الصعب اعلان الفدرالية الكردية
*
مقابلة اوباما مع الـAtlantic أظهرت كم هو منسحب من العالم
*
اوباما يتكلم عن حقوق الانسان في كوبا التي تبعد بضعة كيلومترات عن غوانتانامو
*
لن يكون هناك رئيس اميركي يخدم القضايا العربية
*
هيلاري كلينتون هي الأوفر حظاً للرئاسة الاميركية
*
أخشى ان يتوسع الضغط على اللبنانيين جغرافياً بعد وضع حزب الله على لائحة الارهاب
يعتبر سفير لبنان الاسبق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة ان دخول روسيا الى سورية جاء بهدف تحقيق حلمها بأن يكون لها موطىء قدم في البحر المتوسط، علماً ان النظام السوري ليس بحاجة الى مساعدة كما تردد، مؤكداً ان الازمة السورية بانتظار التوافق الروسي والاميركي لإيجاد تسوية لها وأن اجتماعات جنيف 3 ستفشل.ويرى طبارة ان من الصعب تطبيق الفدرالية الكردية بما ان ايران وتركيا تسعيان الى عرقلتها خوفاً على مصالح كل من الدولتين.. اما في ما يتعلق بالانتخابات الاميركية فيعتبر ان هيلاري كلينتون ستكون الاوفر حظاً في الوصول الى الرئاسة وإن كان لا يوجد رئيس اميركي يعمل لصالح القضايا العربية.ويسجل طبارة خشيته على الاقتصاد اللبناني على اثر تصنيف حزب الله كحزب إرهابـي بعد تراجع نسبة التحويلات الى لبنان الامر الذي سينعكس سلباً على الميزان التجاري.هذه المواضيع وسواها تحدث عنها طبارة في هذا الحوار:

الحلم الروسي

#
هل جنيف 3 تمكن من إحراز تقدم في الحوار بين المعارضة السورية والنظام؟
-
دخل الروس الى سورية في وقت مدروس، بحيث ان اوروبا تئن تحت ضغط اللاجئين وأميركا تحارب داعش وداعش يتوسع.بوتين دخل الى سورية بهدف محاربة داعش ويقال بأنه دخل بهدف مساندة النظام علماً ان النظام لم يكن بحاجة الى مساعدة. وأعتقد ان روسيا تريد موطىء قدم لها على البحر المتوسط وهذا هدف دخولها الى سورية بالاساس. علماً ان الاتحاد السوفياتي كان لديه عدة مواطىء قدم في الجزائر وليبيا ومصر.لذلك بوتين لم يضرب داعش بالاساس ولكنه استهدف منطقة معينة بين جنوب دمشق وحلب وخاصة الساحل السوري، بعدما أسس ثلاث قواعد عسكرية كبيرة فيها ووقع اتفاقية مع الحكومة السورية وهي أبدية الى حد ما تسمح له بالتحكم بهذه القواعد حتى النظام السوري لا يمكنه الدخول اليها الا بإذن من الروس.لذا حقق قسماً من هذا الحلم وكان يخشى ان تستمر او تطول المدة لأن اقتصاده لا يتحمل وهو يخشى ان يفعل به الاميركان كما فعلوا بالإتحاد السوفياتي بأفغانستان حيث خرج بومها ميخائيل غورباتشوف بذل.اما الآن فالمفاوضات في جنيف اصبحت على مستويين:
1-
المستوى الاجرائي: المعارضة والنظام.
2-
المستوى الاستراتيجي: روسيا وأميركا.هدف المستوى الاستراتيجي هو ايجاد نظام لسورية يحافظ على مصالح روسيا من جهة وأميركا من جهة ثانية وحلفائها وخاصة اسرائيل.المستوى الاجرائي يتعلق بالمرحلة الانتقالية وما ستؤدي اليه والدستور الذي سيسيرون عليه، لذا التنسيق يجب ان يتم مع الكبار.لكن هناك صعوبات على المستويين:على المستوى الاجرائي لا يوجد قاعدة يبنى عليها بحيث انه يتم الطلب من النظام السوري ان يفاوض مع المعارضة على نهاية عهده، اذ ان المعارضة تطالب بتغييره.لذلك أعتقد ان المبعوث الدولي الى سورية ستيفان دي ميستورا يعجل بالاجتماعات لأنه فشل في اول اجتماع، وهذا الاجتماع ايضاً سيفشل، فهو يحاول ان يجمع الافرقاء قبل ان يكون قد حضّر الارضية التي على اساسها سيعمل.فهو بانتظار ان يضغط الروس على النظام وأميركا على المعارضة. ولكن المشكلة ان اميركا وروسيا لم يتفقا حتى الآن على اية سورية يريدون، لذلك أعتقد بأنه ستحصل صولات وجولات قبل الوصول الى حل جزئي يتم من خلاله المفاوضات الجدية.

كباش

#
الوضع السوري اذن سيبقى على حاله بانتظار الاتفاق الاميركي – الروسي حول سورية؟
-
طبعاً، أعتقد ان القرار الاستراتيجي الذي يتم بينهما هو الذي سيقرر الى اين ستصل المفاوضات الاجرائية والتي تتوقف على الاستراتيجية الكبرى.لذا الكباش سيبقى مستمراً الى ان تبدأ الدول الكبرى كأميركا وروسيا بوضع تصور لهذا الوضع. وما يجري بينهما يشبه بالون الاختبار وبالون الاختبار يتجسد في الفدرالية التي تناسب كليهما، بحيث يمكن تقسيم النفوذ بشكل اكبر، مما شجع الاكراد على المطالبة بالفدرالية كبالون اختبار لأن كردستان العراق اصبحت موطىء قدم للأميركيين وحتى ان الاسرائيليين موجودون هناك وروسيا لم تعترض على ذلك، لكن اهمية ذلك بالنسبة للروس انهم يحاصرون تركيا من الجنوب ومن الشمال.
#
كيف يمكن للأميركي والروسي ان يصلا الى نتيجة حول الوضع السوري في ظل ارتباطهما بالسعودية وايران؟
-
صحيح، لذلك أعتقد بأن الضغوطات التي سيضعها كل واحد على فريقه يجب ان تأخذ في الاعتبار مصالح حلفائهم. الاميركيون يريدون ان يرضوا اسرائيل والسعودية والدول العربية، والروس يريدون حلاً يرضي ايران والنظام او ما تبقى من النظام.لذلك من المبكر الحديث عن ذلك لأننا لم نصل بعد الى بداية اتفاق. حتى مراقبة الهدنة لم يتفقوا عليها، روسيا تقول انها ستراقب بنفسها في حين ان الاميركيين رفضوا المراقبة معها. لذلك أعتقد ان المسألة طويلة لأن الاتفاق الاميركي – الروسي لم ينضج حتى الآن وما يزال في طور بالونات الاختبار، والقرارات الاجرائية التي يفترض ان يتم اتخاذها على المستوى الروسي هناك فرق بين الجهتين في ما يتعلق بها ولا احد يمكنه ان يضغط على اي منهما لأنه لا يوجد اتفاق حتى اليوم.اذا لاحظتم ماذا قال وزير الخارجية الاميركية جون كيري امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، قال ان لديهم خطة ((ب)) وهذه الخطة تشمل مساعدة عسكرية نوعية للمعارضة. وهذا ساعد على وقف القتال وهذا ما يخشاه بوتين بالاساس. اوباما يخشى من الخطة ((ب)) من ناحية انه لو أدخل عسكره الى سورية او أعطى أسلحة نوعية للمعارضة وتصبح في يد النصرة وداعش ولذلك قالت السعودية بأنها سترسل قوات خاصة من الجيش والتي ستسلم هذه الاسلحة وتنفذ الخطة ((ب))، وبالفعل أرسلوا عسكراً الى تركيا وحضروا أنفسهم في حال لم يحترم الروس وقف اطلاق النار، لذلك أعتقد ان وقف اطلاق النار سيكون افضل من غيره والسعوديون موجودون في القاعدة التركية وجاهزون لتنفيذ خطة ((ب)).
ايران روحاني

#
ماذا عن المفاوضات الايرانية – السعودية هل هي قائمة ام لا؟
-
هناك نوع من الضغط الاميركي على الجهتين، الاميركيون يمونون على السعودية وايران.حتى كلام اوباما للـ((Atlantic)) يدعو الى تقاسم المنطقة وأعطاهم الضوء الاخضر لذلك.والسؤال هنا: اي ايران؟
هل ايران حسن روحاني ام ايران المتشددة؟
ايران روحاني ترغب في فتح حوار مع دول الجوار وخاصة السعودية، والآن يقال ان هناك وفداً من ايران الى السعودية. لذلك أعتقد ان العملية تسير في اتجاه غلبة لروحاني في ايران ولذلك الانفتاح مع دول الجوار يتزايد مع تزايد قوة روحاني.
#
هل زيارة وزير الخارجية التركية أحمد أوغلو تسجل ضمن انفتاح ايران على الآخر؟
-
هذه الزيارة مرتبطة بمصالح مشتركة بين إيران وتركيا والحديث الأساسي فيها هو عن الاكراد لأن إيران لا تريد أن يقضم قسم منها وهذا هو الحديث الأساسي في التقارب الايراني – التركي فهما لا يريدان كردستان مستقلة وقوية عسكرياً وتبدأ بالمطالبة بقسم من إيران وقسم من تركيا، وهذا الأمر يشكل خطراً على الدولتين.

#
الفدرالية الكردية

 من الصعب إذن إعلان فدرالية كردية؟
-
طبعاً مع عهد الرئيس رجب طيب أردوغان من الصعب القيام بذلك، وما نسمعه هو مجرد كلام لا أكثر ولا أقل.
#
ما تقويمك لكلام أوباما إلى صحيفة الـ((Atlantic))؟
-
إذا أردنا تقييم الحديث ككل يتبين انه بما انه رئيس دولة عظمى فهو يتكلم وكأن أميركا دولة مثل كل الدول دون أن يأخذ في الاعتبار دور الدولة الانساني. مثلاً يقول في مكان إذا حصل قتل جماعي مع بلد وليس من مصلحتنا التدخل لن نتدخل.أين الأمم المتحدة وأين الدولة العظمى؟
فلو قال ذلك رئيس ((فيجي)) لكنت من المعجبين به، ولكن رئيس أميركا يقول هكذا فهذا أمر مخيف.تكلم بطريقة واقعية بعيداً عن الانسانية وهو من اتباع واقعية هنري كيسنجر، ولكنه أخذ الواقعية إلى حدود لم يسبقه إليها أحد، مصلحة أميركا هي قبل كل شيء بعيداً عن الانسانية.وهذا الاعتراض الذي حصل في الصحافة الأميركية الكبيرة مثل ((نيويورك تايمز)).لذلك أعتقد ان المقال كله مهم جداً، إضافة إلى انه أظهر أوباما بحقيقة كان الجميع يعرفها انه منسحب من العالم ولا يريد أن يتدخل فيه. ولكن مشكلته الأساسية انه يريد أن ينسحب من العالم وداعش تعبىء الفراغ.فانسحاب أميركا يعني ان مصالحه ستتضرر، ترك العراق وعاد إلى العراق وترك أفغانستان وعاد مجدداً إلى أفغانستان.كل ذلك لأنه انسحب من العالم واضطر بعدها للعودة إلى الحروب بعد ان سيطرت داعش على كل شيء.لديه نظرية يحاول أن يطبقها في كوبا وفي ايران.أوباما يعتبر انه إذا فتح خطاً مع إيران سيقوي المعتدلين، وإذا قوي المعتدلون نظام ايران سيتغير وعلاقتها في العالم ستتغير وتعود إلى المجتمع الدولي بشروط.قد يسير بهذا الطريق ولكن المسألة طويلة. فهو يسير في كوبا بالطريقة نفسها، الاقتصاد الأميركي يوازي 140 مرة الاقتصاد الكوبي مثلاً إذا أدخلنا كل اقتصاد كوبا إلى الاقتصاد الأميركي يزيد بنسبة 0.6%.لأول مرة في التاريخ يحصل تعاون بين دولة شيوعية ودولة رأسمالية، في كوبا إذا أراد أن يدخلوا الأميركيون في أي مشروع عليهم أن يكونوا شركاء مع الدولة وليس مع أي شخص آخر.الهدف ليس أن تربح أميركا اقتصادياً ولكن أن يفعل كما فعل في إيران إذ ان كوبا قد تذهب في اتجاه دولة نصف رأسمالية وصولاً إلى دولة رأسمالية.هذه النظرية يطبقها الأميركيون مع الصين، ما زالت الصين شيوعية ولم تتغير وما يزالون يعتبرون نظامها يخالف حقوق الانسان.لا أدري ان كانت نظريته هذه سيبرهن التاريخ انها نظرية جيدة.لذلك أعتقد ان كلام أوباما في كوبا عن حقوق الانسان في الوقت الذي تخرق فيه أميركا حقوق الانسان، ولكن الوقاحة انه يتكلم عن حقوق الانسان في كوبا على بعد عدة كيلومترات من غوانتانامو التي فيها أناس مسجونون دون حق.

ترامب ((دايت))

فيما يتعلق بالمرشحين للانتخابات الرئاسية، أي منهما ممكن أن يخدم القضايا العربية أكثر ترامب أم كلينتون؟
-
لا أتصور بأن هناك رئيساً في أميركا يخدم القضايا العربية مهما حصل خلاف مع إسرائيل مثل الخلاف بين أوباما ونتنياهو ومع ذلك حاول أن يعمل صلحاً بين العرب وإسرائيل، لأنه لا يستطيع أن يضغط على إسرائيل إلا إلى حد معين وإلا سوف يتحرك الكونغرس ضده.بالأمس كانت هيلاري كلينتون أمام اللوبي الأساسي الاسرائيلي وقالت لهم انها مع إسرائيل، وترامب يقول بأنه سيكون محايداً بالنسبة لإسرائيل، كلام ترامب هذا كي يقبل العرب ان يأخذوا ويعطوا معه علماً انه مع إسرائيل.حتى كلمة محايد ممنوعة وهو يتراجع عنها.لذا أي رئيس جمهورية أتى سيضطر بالسير مع إسرائيل وبعد ان يترك الرئاسة سوف يتكلم عن حقوق الفلسطينيين مثل جيمي كارتر وغيره.الحزب الجمهوري يحاول ان يتخلص من ترامب في الوقت الحالي، وهناك تيد كروز وهو ((ترامب دايت)) اي أخف من ترامب. وهناك كايسك وهو ليس لديه شعبية قوية.اذا لم يتمكن ترامب من الحصول على الاغلبية، هناك طريقة يمكن ان تتبع من خلال الضغط على المندوبين ليصل شخص معين الى الرئاسة.
#
هل كلينتون هي الاوفر حظاً؟
-
كلينتون هي الاوفر حظاً، وان لم تكن محبوبة شعبياً، وذلك لأن السود معها وكل الاقليات تؤيدها، اضافة الى وجود سحر بيل كلينتون، اي بعلها، الذي بقي ثماني سنوات رئيساً لأميركا والاقتصاد كان في أوجه.
#
هل أزمة اليمن بحاجة الى تقارب ما بين روسيا واميركا وايران والسعودية خصوصاً بعد ان تم الحديث عن وجود وفد روسي في السعودية؟
-
أتصور بأن زيارة الوفد الروسي الى السعودية ليست مفصلية بالنسبة لمسألة اليمن. وأظن بأن الاميركيين يريدون ان ينتهوا من أزمة اليمن بأي ثمن كان وهذا سبب من اسباب الضغط في سبيل التقارب السعودي – الايراني. ولكنني أعتقد ان المشكلة اليمنية لا تنتهي الا اذا حصل تنازل من احدى الجهات وخاصة ايران، اذ ان اليمن تقع على الحدود السعودية ولا يمكن لها ان تقبل بأن تكون ايران على حدودها.
القمة العربية

#
ماذا تتوقع من القمة العربية التي ستعقد بعد ايام قليلة؟
-
هناك توافق عربـي على لبنان، وإن كان هناك مشكلة للبنان مع الدول العربية، النأي بالنفس له حدوده وطبعاً نحن ننأى بأنفسنا عن تسمية حزب الله كحزب إرهابـي لكونه مكوناً من مكونات لبنان والحكومة، ولكن ليس بالضرورة ان ننأى بأنفسنا عن كل القرار. أتصور بأن امام القمة عدداً من المشاكل ومنها الازمة السورية وبالطبع سيكون هناك هجمة لبنانية على الدول العربية كي يخففوا من وطأة المقاطعة هذه، وسيحاولون ايجاد حلول للتشنج الذي يحصل في المنطقة بين الدول العربية وايران وتركيا.ولكن قوة الجامعة العربية محدودة لأنه اذا كانت الدول العربية مختلفة يعني ان الجامعة العربية ضعيفة.ولا أتوقع بأنه سيخرج حلول جذرية من اجتماع القمة لأن كل واحد سيجلس خلف متراسه.
#
ماذا عن تداعيات وقف الهبة السعودية على لبنان؟
-
السعودية أخذت قراراً بسحب الاموال وعدم السفر الى لبنان وبعدها جمعوا دول الخليج ومن ثم الجامعة العربية.وبالنسبة لعدم تجديد إجازات العمل والاقامات، هذه المسألة تتكاثر يوماً بعد يوم وهي خطرة على الاشخاص الذين يطردون من هناك وخطر على لبنان ايضاً لأنه يدخل الى لبنان من الخليج حوالى 5 مليارات سنوياً من اللبنانيين المقيمين هناك.والخليج يعاني من مشكلة أسعار النفط، لذا ستخف نسبة التحويلات الى لبنان، وهذا يؤثر على ميزان المدفوعات والاحتياطي في العملات الاجنبية.الخشية ان تتوسع جغرافياً، فهناك دول اوروبية صنفت حزب الله كحزب إرهابـي وهذه الدول اشارت مؤخراً الى انها مستعدة لتوسيع هذا الضغط.
حوار: فاطمة فصاعي






Thursday, March 24, 2016

Russian Withdrawal in Syria and Plan B ألأنسحاب الروسي في سورية وخطة باء




٢٠١٦لخميس، ٢٤ مارس/ آذار 


     


















الانسحاب الروسي ... أسبابه وتداعياته وضغوط «الخطة باء» في سورية
English summary at end
السبب الرئيسي لدخول فلاديمير بوتين في المعمعة السورية كان تأسيس موطئ قدم لروسيا على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، ففي أوج قوة الاتحاد السوفياتي، الذي نعت بوتين انهياره بـ «أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين»، كان له حلفاء يحيطون بالمتوسط من الجزائر إلى ليبيا إلى مصر وسورية. بقايا النفوذ الروسي تبددت عندما انتهى عهد القذافي على يد أميركا وحلفائها ولم يبق لبوتين في المنطقة سوى قسم من مرفأ طرطوس مخصص لتموين وتصليح السفن الروسية ورثه من الاتحاد السوفياتي بموجب اتفاقية وُقّعت مع الحكومة السورية سنة 1971. موطئ قدم فاعل وطويل الأمد في مياه المتوسط الدافئة أصبح أحد ركائز حلم بوتين بإعادة عزة روسيا ودورها كقوة يحسب لها حساب على المسرح الدولي. ولذلك اغتنم الرئيس الروسي الفرصة المناسبة: أوروبا تئن تحت ثقل النازحين من الشرق والجنوب، وأميركا المترددة فاشلة في محاربتها «داعش»، للدخول عسكرياً إلى سورية بحجة محاربة الإرهاب من دون أي اعتراض يذكر من أميركا وحلفائها.

دخلت روسيا مستعجلة إنهاء مهمتها خلال بضعة أشهر، ليس لمحاربة الإرهاب كما تصور الأميركيون وحلفاؤهم، بل لمساندة القوات الحكومية وحلفائها في السيطرة على منطقة تمتد من جنوب دمشق إلى حلب، تكون هي موطئ القدم وتعطي روسيا كلمة فاصلة في مستقبل سورية في أي مفاوضات لاحقة مع الأميركيين. كان على روسيا الوصول إلى هذا الهدف بأسرع وقت ممكن، وذلك لسببين رئيسيين: الأول هو أن اقتصادها منهك بسبب العقوبات الغربية عليها (خصوصاً منعها من الاستدانة من النظام المصرفي الأوروبي الأميركي) وبدرجة أكبر بسبب انهيار سعر النفط، المورد الرئيسي لاقتصادها (أكثر من 15 في المئة من الناتج المحلي) ولموازنة حكومتها (أكثر من 50 في المئة من مداخيلها) علماً أن كلفة الحرب بالنسبة إلى الروس تُقدَّر بثلاثة ملايين دولار يومياً، أي أكثر من بليون دولار سنوياً على رغم محاولاتهم، قدر الإمكان، استعمال أسلحة قديمة غير ذكية ورخيصة، ما سبب الارتفاع الهائل في إصابات المدنيين. السبب الثاني هو التخوف الكبير من أن تلجأ أميركا إلى إدخال أسلحة نوعية، خصوصاً تلك المضادة للطائرات فتغرق روسيا في حرب طويلة لا تستطيع تحمّلها، كما فعلت أميركا في عهد الرئيس رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي بالنسبة إلى الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، بينما كان اقتصاد الاتحاد يئن كما اليوم تحت ضغوط انخفاض سعر النفط، ما اضطر غورباتشوف في حينه إلى الانسحاب مكسوراً من تلك الحرب، تلاها انهيار الاتحاد السوفياتي بعد سنتين من الانسحاب، ومن ثم إعلان روسيا عدم تمكُّنها من سداد ديونها سنة 1998
.
بعد أكثر من خمسة أشهر على دخولها المعترك السوري وجدت روسيا نفسها وقد حقّقت القسم الأساسي لمهمتها، بينما تحقيق القسم الآخر يتطلب وقتاً طويلاً وبالتالي أصبح يشكل خطراً محدقاً. القسم الذي تحقّق هو موطئ القدم في قسم رئيسي من المنطقة المستهدفة وهو القسم الساحلي المحيط باللاذقية وطرطوس، إضافة إلى مناطق أخرى في ريف دمشق وفي منطقة حلب وغيرها. لتمكين هذا الموطئ أسّست روسيا فيه بضع قواعد عسكرية، الأولى بحرية تمثّلت بتوسيع قاعدة طرطوس والأخرى جوية وبرية كالتي في حميميم قرب اللاذقية والشعيرات قرب حمص.

ومن أجل استدامة هذا الموطئ وقّعت روسيا في آب (أغسطس) الماضي اتفاقاً مع الحكومة السورية لمدة غير محددة (باستطاعة أي جهة إيقافه بعد إنذار شهر وهذا بالطبع غير وارد في المستقبل المنظور) يعطي القوات المسلحة الروسية حرية مطلقة في نطاق قواعدها العسكرية ويمنع الدولة السورية من دخول المواقع إلا بإذن من المسؤولين الروس.

أما الخطر المحدق فيتمثل بما سمّاه الأميركيون والسعوديون وغيرهم «الخطة باء»، تتفعّل إذا ما فشل وقف الأعمال العدائية، أو إذا بدأت روسيا قضم مناطق لمصلحة القوات الحكومية تدريجاً خلال الهدنة. هذه الخطة التي أشار إليها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ في 23 شباط (فبراير) الماضي، عندما قال إن هناك نقاشاً هاماً داخل الإدارة الأميركية حول الخطة باء، إذا فشل وقف الأعمال العدائية، وهي تشمل إجراءات من الجيش الأميركي لمساعدة المعارضة بهدف إضعاف الرئيس الأسد ولربما إسقاطه. بعد ذلك بقليل، صرح «مسؤول (أميركي) رفيع المستوى» لتلفزيون «سي بي أس» بأن الخيارات المطروحة تشمل إجراءات ذات طبيعة عسكرية هدفها جعل هجمات النظام على المدنيين والمعارضة المسلحة التي تساعدها أميركا أصعب، علماً أن أميركا كانت سمحت بإدخال صواريخ «تاو» المضادة للدبابات، ما تسبّب بمجزرة دبابات تابعة للنظام في محافظة إدلب وأجبرها على التراجع.

شكك كثيرون في استعداد وجدية أوباما في تطبيق الخطة باء، هو المتردّد بطبيعته من جهة، ويعلن دوماً عن تخوّفه من أن تقع الأسلحة النوعية في أيدي «القاعدة» أو «داعش» من جهة أخرى. هذا ما يفسر استعداد السعودية لإرسال قوات خاصة ضمن الخطة باء نفسها، بحسب وزير خارجيتها عادل الجبير، وهذه القوات يترك لها حصرياً استعمال هذه الأسلحة. وبالفعل وصلت هذه القوات الخاصة إلى قاعدة إنجرليك في جنوب تركيا للاشتراك في الخطة باء إذا حصل خرق لوقف الأعمال العدائية بحسب الوزير الجبير. أضف إلى ذلك التنبيهات المتواصلة من القيادات الأوروبية ومن مجلس حلف الأطلسي «النــــاتو» إلى بوتين شخصياً للتوقف عن استهداف المعارضة المعتدلة وتحــويل ضرباته الجوية إلى مراكز «داعش»، ما يعرقل المخطط الروسي بتأمين المنطقة التي يريد تأمينها.

ولعل القشة التي قضمت ظهر البعير هي إسقاط طائرة ميغ 21 تابعة للنظام السوري في منطقة حماه قبل يومين من إعلان بوتين نية روسيا سحب معظم قواتها من سورية، ما جعل النظام يوقف طلعات طيرانه في المنطقة. الطائرة أُسقطت بصاروخ ستينغر أميركي الصنع، ولكن، هذا لا يعني بالضرورة أنه أدخل إلى سورية بإذن أميركي. المهم في الأمر هو أن مثل هذا السلاح يذكّر بوتين بما حصل في أفغانستان لجيش الاتحاد السوفياتي في الثمانينيات ويعني بالنسبة إليه خطراً محدقاً إضافياً. السبب الرئيسي لانسحاب الروس المفاجئ إذاً هو كلفة الحرب لبلد على شفير الإفلاس مترافقاً مع خطر الغرق في مستنقع طويل الأمد بسبب الخطة باء. في الوقت نفسه فإن بوتين كان حقق إلى حد كبير هدفه بخلق موطئ قدم في منطقة البحر المتوسط، واستطاع أن يخرج من تدخله بشكل منتظم وخلال وقف لإطلاق النار وليس بشكل عشوائي كما حصل للسوفيات في أفعانستان في أواخر الثمانينيات. وهو اليوم يستطيع أن يفاوض من موقع أقوى مع الأميركيين حول النظام السوري القادم الذي يؤمن له استدامة هذا الموقع، وقد أصبح باستطاعته، عسكرياً على الأقل، أن يرفع من مستوى قوته في سورية بسرعة كما أعلن، نظراً إلى وجود القواعد العسكرية هناك، ولو أن عليه أن يحتسب الكلفة المادية بتأنٍّ وحذر. تحذيرات بوتين في هذا المجال هي لردع المعارضة المسلحة أكثر منها محاولة قلب ميزان القوى على الأرض وكسر النظام.
لهذه الأسباب خرج الروس من سورية في هذا التوقيت.

الأسباب الأخرى التي ركز عليها الكثيرون من المحللين هي أسباب ثانوية تنبع أصلاً من هذا السبب الرئيسي. أحد الأسباب المحتملة التي يتكرر ذكرها أن هدف التدخُّل الروسي كان لمنع سقوط الرئيس الأسد، ولكن الحالة على الأرض لم تكن توحي بسقوط الأسد بل كانت حالة توازن قوى جاء التدخل الروسي ليقلبها لمصلحة النظام. قيل أيضاً إن أحد أسباب التدخُّل الروسي كان الخلاف مع النظام السوري حول ما قال الرئيس الأسد إنه لن يفاوض حتى تحرير سورية بكاملها. طبعاً هذا يتعارض مع الهدف الروسي ويدخل روسيا في المستنقع الذي تخشاه، لكن خلافاً كهذا ليس سبباً لانسحاب روسيـــا من مــوقع ذي أهـــمية استراتيجية، وكان كافياً أن يقوم السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين بتوضيح أن تصريحات الأسد في هذا المجال لا تنسجم مع الجهود الروسية لإنهاء الصراع، يتبعها أوامر من بوتين إلى وزير خارجيته سيرغي لافروف بإنجاح العملية التفاوضية. لعل النظرية الأكثر واقعية، ولو أنها هي الأخرى مستبعدة، هي أن هناك اتفاقاً ضمنياً روسياً أميركياً مفاده أن العصا التي لوّح بها الأميركيون من خلال الخطة باء لربما تشمل أيضاً جزرة ستظهر لاحقاً من خلال تخفيف محتمل للعقوبات الأوروبية الأميركية على روسيا، ولكن، حتى لو صح هذا الظن مبدئياً، فإن الوقت لم يحن بعد لمثل هذا القرار.

وعلى رغم أنه ما زال من المبكر التكهُّن بمفاعيل الانسحاب، فيظهر أن ما بعد الانسحاب الروسي لن يكون كما قبله. فلقد أصبح هناك اليوم مستويان من المفاوضات: مفاوضات جنيف بين الهيئة العليا للمعارضة وممثلي النظام من جهة، ومفاوضات بين أميركا وروسيا بشخصي وزيري خارجيتهما كيري ولافروف من جهة أخرى.
المفاوضات الأخيرة استراتيجية، يفترض أن تقرّر إلى حد كبير طبيعة النظام السوري المقبل وكيف سيأخذ بالاعتبار المصالح الأميركية (الإسرائيلية) من جهة والمصالح الروسية من جهة أخرى، خصوصاً موطئ القدم الآنف الذكر، وقد تم إرسال أول بالون اختبار في هذا الاتجاه من خلال الكلام الروسي والأميركي العَرَضي عن النظام الفيديرالي لسورية. المفاوضات في جنيف في المقابل هي إجرائية ستحدد طبيعة المرحلة الانتقالية، وستقوم بوضع الدستور والخطوات التطبيقية التي تساند وتتماشى مع القرارات الاستراتيجية. الدور الإيراني أصبح ثانوياً إلى حد كبير، ستتكفل روسيا الدفاع عنه في مفاوضاتها، وستتوقف طبيعته إلى حد ما على نقطة لأي إيران ستكون الغلبة في المفاوضات، إيران المتشددين أم إيران المعتدلين، علماً أن التاريخ اليوم يظهر وكأنه لمصلحة الأخيرين. على كل حال، فالحل النهائي، بشقيه الاستراتيجي والإجرائي، ليس للمستقبل القريب.

 * سفير لبنان في واشنطن سابقاً.


English Summary

The main reason for Putin’s entry into the midst of the Syrian crisis was to establish a foothold on the
 shores of the warm waters of the Mediterranean. In the days of the Soviet Union, the Soviet allies ringed the Mediterranean from Algeria to Libya to Egypt to Syria. When Russia intervened in Syria some 5 months ago, it had only a pier in Tartus harbor on the Syrian cost where it repaired its ships. The grand dreams of  Putin required a major foothold there

The Russian intervention had to be short for two reasons: First economic, since the economy of
 Russia is reeling under the dual effects of the Western sanctions and the major decline in oil prices (The oil sector constitutes more than 15 percent of Russia’s GDP and more than 50 percent of the government’s revenues and the war was costing Russia more than a billion dollars on yearly basis). When it actually withdrew, Russia had already established a major, if only a partial, foothold mainly on the Syrian coastal area. This was represented mainly in three major military bases hastily established there supported by an agreement with the Syrian government giving Russia the right to keep its bases virtually indefinitely

But the withdrawal and adherence to the cessation of hostilities by the Russians were backed by “plan B” that John Kerry explained before the Foreign Relations Committee of the Senate recently. The plan would include military assistance to the opposition reminiscent of the action taken by President Reagan in the late 1980s with regard to the Soviet invasion of Afghanistan when he gave strategic arms to the Mujahedeen that re-established the status quo in the field and threatened to lengthen the war by many years. Then like now the Soviet Union was suffering from a major decline in oil prices which prompted President Gorbachev to withdraw his troops hastily. The Soviet Union was dismantled in 1991 two years after the withdrawal and few years later it defaulted on its debts. Putin never forgot this and was determined to avoid it

The hesitation of Obama to give the opposition strategic arms from fear that it falls into the hands of extremists was remedied by the offer of the Saudis to send special forces who will be in charge of these arms. These forces have already reached the Incirlik base in Turkey, under plan B as repeatedly 
indicated by Adel al Jubeir, the Saudi foreign minister

The negotiations to resolve the Syrian crisis were thus re-activated, this time at two active levels: On the strategic level between the United States and Russia and at the operational level by the Syrian authorities and the opposition.  The two are interrelated. The strategic level will determine, in broad lines, the nature of future Syria which will have to take into account the interests of Russia (mainly maintaining the foothold) and of the United States (and Israel). The other level negotiations will need to establish the type of government that will oversee the transition and write the new constitution that will support the strategic agreement of the major powers. The early stages of these two-pronged negotiations have shown that this will be a difficult and a long process