Tuesday, February 20, 2018

Interview مقابلة



ألشراع
 19 شباط/فبراير 2018

طبارة وقاطيشة: لبنان بمنأى عن حرب مع اسرائيل والمحاكم الدولية الملجأ الوحيد / تحقيق – فاطمة فصاعي

سفير لبنان الاسبق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة:
– دخلنا في مرحلة الرسائل المتبادلة
– اسرائيل لا تريد التصعيد ولو أرادت ذلك فهي بحاجة الى ضوء اخضر اميركي
– اميركا اليوم عادت بقوة بعكس عهد اوباما الذي كان متردداً
– الغطاء الأمني والسياسي ما يزال موجوداً فوق لبنان
مستشار رئيس حزب ((القوات اللبنانية)) العميد وهبي قاطيشة
– عندما تضع اسرائيل جداراً فاصلاً هذا يعني انها في وضع الدفاع وليس المواجهة
– إسقاط الطائرة الاسرائيلية هو حادثة لحرب طويلة مفتوحة
– الجانب الاسرائيلي غير جاهز لخوض حرب ولا حتى الجانب الإيراني
 مستشار رئيس حزب ((القوات اللبنانية)) العميد وهبي قاطيشة وسفير لبنان الاسبق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة



باشرت اسرائيل ببناء جدار إسمنتي على الحدود اللبنانية وسط مخاوف من مواجهة عسكرية اذا وقع التعدي على حدود لبنان البرية والبحرية. وقد شرعت اسرائيل في إقامة الجدار بالقطاع الغربي من الحدود وتحديداً قرب منطقة رأس الناقورة وذلك لمنع حزب الله من احتلال البلدات الحدودية المحتلة من قبل اسرائيل او أسر جنود فيها في حال حصول اي مواجهة جديدة بين الطرفين. إضافة الى ان الجدار سيحمي تلك البلدات من اي صواريخ مضادة للدروع قد تستهدف المنازل القريبة من خط الحدود ومنع الحزب من مراقبة التحركات العسكرية والمدنية هناك.
وبعد ان أبدى لبنان رفضه لهذا الجدار الذي سيقام على جزء من أراضيه، يبدو ان النزاع الاكبر هو على الحدود البحرية، اذ ان لبنان يريد خط الحدود المائية بزاوية تسعين اي بشكل مستقيم من منطقة رأس الناقورة باتجاه المياه الاقتصادية في قبرص. في حين ان اسرائيل ترى ان الخط يجب ان يكون الى الشمال منه بزاوية عشرين، مما يبقي تحت السيطرة الاسرائيلية نحو ألف كيلومتر مربع متنازع عليه مع لبنان تضم حقولاً غازية غنية.
وقد أبدت اسرائيل مخاوفها من ان يؤدي النزاع على الحدود المائية الى قيام حزب الله بإستهداف منصات الغازات الاسرائيلية في البحر المتوسط في حال وقعت اي مواجهة جديدة.
وكان المجلس الاعلى للدفاع في لبنان قد أعلن انه أعطى توجيهاته لمنع اسرائيل من بناء الجدار الفاصل داخل الاراضي اللبنانية. وقال بعد اجتماعه ان الجدار يشكل في حال تشييده اعتداء على الاراضي اللبنانية وسيكون بمثابة خرق واضح لقرار مجلس الامن 1701.
وقد تزامنت هذه المستجدات مع إسقاط المقاتلة الاسرائيلية ((أف 16)) داخل الاراضي الفلسطينية على يد الجيش السوري، الامر الذي أحدث حالة من الارتباك لدى الجيش الاسرائيلي، وأعاد الى الأذهان المخاوف من شن حرب اسرائيلية على المنطقة والذي يعتبر لبنان جزءاً منها.


سفير لبنان الاسبق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة

طبارة
ورداً على هذه الهواجس، فإن سفير لبنان الاسبق لدى واشنطن الدكتور رياض طبارة، اعتبر ان كل ما يجري مرتبط بأحداث المنطقة. ويقول ان هناك توتراً في المنطقة وهذا التوتر بدأ منذ أول السنة تقريباً، بحيث أسقطت الطائرة الروسية ((سوخوي 25)) وحصل توتر جراء ذلك، وصولاً الى إسقاط المقاتلة الاسرائيلية ((أف 16)). لذلك هناك أحداث جديدة في المنطقة والجديد هو عودة اميركا الى المنطقة.
في عهد اوباما انسحب من العراق واضطر ان يعود بخجل اليه عام 2014 بعد ان انسحب منه عام 2011 واضطر ان يدخل الى سورية ولكن بخجل بحيث أفسح المجال اولاً امام ((داعش)) وخصوصاً امام الروس، وخلال هذه المدة ركز الروس أنفسهم في قواعد برية وبحرية وجوية في شمال سورية.
عندما وصل ترامب الى الحكم مع الجنرالات أرادوا العودة الى سورية كي لا تبقى تحت رحمة الروس. دخولهم الى المنطقة بدأ بإعلان اميركي من البيت الابيض ومن وزارة الدفاع بأننا لن نترك سورية وسوف نبقى في العراق وأصدروا استراتيجية الامن القومي في كانون الاول/ديسمبر الماضي اضافة الى إدلائهم بتصريحات مختلفة أظهروا من خلالها ماذا يريدون بعد هذه العودة.
لذا عودتهم تختلف عن عودة اوباما لأنهم عائدون بقوة، في حين ان اوباما عاد متردداً. كما ان فلسفة عودتهم مختلفة، فترامب يقول اميركا اولاً. ولذلك غيّر التحالفات، كان اوباما يقول بأن مصر فيها ديكتاتورية والخليج غير ديموقراطي وانه سوف يشجع في الاتفاق النووي الليبراليين الايرانيين حتى تتحول ايران الى شريك في ضبط الامن في المنطقة. هذا الامر كله تغير والعدو الاكبر في المنطقة بالنسبة لأميركا هو ايران بحيث تعتبر الراعي الاول للإرهاب كما سماها في الاستراتيجية، والهدف هو تحييد ايران في المنطقة واستبدالها بتحالف سنّي يعني بقيادة السعودية ومساندة مصر، طبعاً اضافة الى تركيا ولكن تركيا لديها مشاكل في الشمال.
لذلك أول ما سنشهده هو الضغوطات على سورية. هناك من يعتقد ان الطائرة الروسية التي أنزلت هي رسالة اميركية بأن واشنطن تستطيع ان تفعل ما فعلته في افغانستان مع الاتحاد السوفياتي . لذلك هناك تخوف كبير من بوتين حول هذه العملية، لذا إسقاط الطائرة هو رسالة للروس بإغراقهم في أوحال سورية والاقتصاد الروسي غير قادر على تحمل حرب طويلة وهم يقومون بتهدئة هنا وهناك كي يخففوا من تكاليف الحرب. الضغوطات على ايران بدأت من خلال إلغاء الاتفاق النووي، وهذا الامر صعب لأن اوروبا لا ترضى، علماً انها رضيت بكل الاشياء الاخرى.
يهددون بإيقاف النظام الصاروخي الايراني، فرنسا وافقت وانكلترا تكلمت بهذا الاتجاه. واعتقد ان الهدف الاساسي من الضغط على ايران هو فتح ملفات المنطقة، يريدون ان يجبروا ايران على فتح ملف اليمن والبحرين والعراق ولبنان وسورية بهدف سحب ميليشياتها من هذه المناطق مقابل ازدهار واقتصاد ناجح. في ايران الحكم مقسوم، فروحاني ليس سعيداً بوجود الميليشيات في الخارج. روحاني قال في تصريح مؤخراً ان الاتفاق النووي لن يغيروا فيه جملة ولكن الملفات غير المرتبطة بالاتفاق النووي يحصل فيها كلام.
أتصور ان الهجوم الاسرائيلي الاخير هو من باب الضغط على ايران وروسيا من الداخل. ردة الفعل الايرانية والروسية ليست استسلاماً وسيكون فيها ثمن كبير. الدفاعات الارضية المكثفة بشكل غير مسبوق في تاريخ المنطقة ليست خافية على الروس او الايرانيين. لذلك اعتقد اننا دخلنا في مرحلة من الرسائل المتبادلة، ضغط اميركي بهدف الوصول الى فتح ملفات المنطقة وانسحاب ايران من جهة ومن جهة اخرى مقاومة ايرانية- روسية للوصول الى الثمن المناسب اذا وجد للتجاوب مع الضغوطات الاميركية. لذا سوف نشهد رسائل دبلوماسية من مقاطعة الى عقوبات او مواجهة على الارض.
اما بالنسبة للبنان، فمن حسن الحظ ان دايفيد ساترفيلد كان في لبنان وطمأن ان لبنان بألف خير والغطاء ما زال موجوداً عليه. ولكن لبنان عنده مشاكل اخرى غير الضغوطات وعنده مشكلتان اساسيتان وهما الجدار الاسرائيلي والبلوك التاسع. ساترفيلد قال بأن اميركا ستستخدم نفوذها مع اسرائيل حتى لا يدخل الجدار في مناطق متنازع عليها، واظن ان اميركا سوف تضع ثقلها في هذا المجال. وبالنسبة للبلوك التاسع أبدت اميركا جهوزيتها للتدخل مع اسرائيل كي تزيد نسبة لبنان. لذلك فإن هاتين المشكلتين ليستا بحاجة الى ((هوبرة)) لأن مفتاح الحل موجود وهناك باب مفاوضات. موقف لبنان هو ان كل المربع للبنان وهذا الموقف سليم.
ولكن الى اي مدى الجدار الفاصل والبلوك التاسع يمكن ان يؤدي الى حرب مع اسرائيل؟ يعتبر طبارة ان الحرب غير واردة في الوقت الحاضر لأنها لا تريد منطقة تفقد السيطرة عليها، حتى ان ايران لا اعتقد انها تريد حرباً لأن أسلحتها في لبنان ليست لخوض حرب أهلية. وتبقى المشكلة مع اسرائيل، وظهر مع آخر مواجهة لها انها لا تريد التصعيد. فحتى لو أرادت التصعيد فهي لا يمكنها ان تتخذ قرار حرب او سلم دون العودة الى ضوء أخضر اميركي، هكذا تربوا منذ العام 1973، وخاصة في لبنان. اميركا تعتبر انه طالما ان لبنان يسير معها في مسألة تبييض الأموال وأموال المخدرات، فهذا كل ما يريدونه منه ولذلك هناك غطاء وتحييد للبنان عن مشاكل المنطقة، وأعتقد ان هذا هو هدف الاوروبيين ايضاً. وهذا الغطاء أمني وسياسي، ولا يوجد اي شيء يظهر في المستقبل المنظور الذي سيغير أسباب هذا الغطاء.


مستشار رئيس حزب ((القوات اللبنانية)) العميد وهبي قاطيشة


قاطيشة
وأكد مستشار رئيس حزب ((القوات اللبنانية)) العميد وهبي قاطيشة أن لبنان سيكون بمنأى عن حرب اسرائيلية في الوقت الراهن. ويقول: ((عندما يضعون جداراً فهذا يعني انهم في وضعية دفاع وليس في وضعية هجوم، فلو كان لديهم النية للهجوم براً على لبنان لكانوا تركوا الحدود بلا جدار حتى يقوموا بهجوم على لبنان)). مضيفاً ان ((لبنان على خلاف مع اسرائيل في بعض النقاط ولكن يمكننا ان نحصل على حقنا من خلال مجلس الامن كما حصل مع مصر في طابا)).
وفي ما يتعلق بملف النفط والخلاف مع اسرائيل حوله، أكد قاطيشة بأنه لا تحصل معارك عسكرية على خلافات من هذا النوع، فالمحاكم الدولية هي المرجع للخلافات. حتى الشركات بحد ذاتها لا تعمل في المناطق المتنازع حولها. ((لذا نحن متمسكون بحقنا في هذه البلوكات وبواسطة المحكمة الدولية كل طرف يأخذ حقه)) كما يقول قاطيشة.
ويضع قاطيشة مسألة إسقاط الطائرة الاسرائيلية ((أف 16)) بأنها حادثة لحرب طويلة مفتوحة بين الجانب الاسرائيلي من جهة والجانب الايراني والسوري وحزب الله من جهة اخرى. ويضيف: في الحروب يحصل نوع من المد والجزر, طرف يربح وطرف يخسر والعكس، لكن هذا الامر لا يغير موازين القوى ابداً ولا يغير في المسار الكبير لمصير الحرب ولا يؤدي حتى الى حرب او عمليات عسكرية، انما هي حرب مفتوحة في محطات وكل طرف يختار الوقت المناسب للضربات. فالحرب تحتاج الى طرفين، الجانب الاسرائيلي غير جاهز لخوض الحرب والجانب الايراني ايضاً غير قادر لأنه بعيد عن الساحة ويحارب بواسطة جماعتنا اي حزب الله، وحزب الله لا يمكنه خوض حرب مستمرة ومفتوحة مع العدو.
ويؤكد قاطيشة بأن الولايات المتحدة الاميركية لا يمكنها ان تقرر اي خلاف على الارض والمحكمة الدولية وحدها قادرة على ذلك، اذ ان الدول الكبرى لا يمكنها ان تتدخل في شؤون اي دولة اخرى.

فاطمة فصاعي