Sunday, December 13, 2015

فشل الغرب في مواجهة داعش The Failure of the West in Facing ISIS



ألسبت، ١٢ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٥ 


كيف فشل الغرب ويفشل في مواجهة الإرهاب في سورية والعراق؟



خرجت الإمبراطورية البريطانية من الحرب العالمية الثانية منهكة، بينما برزت أميركا دولةً عظمى جديدة على الساحة الدولية. وعندما أَمّم رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق نفط إيران سنة 1951، لم تستطع بريطانيا التي كانت خسرت الهند وضعُفت سيطرتها على المستعمرات الأخرى، أن تثنيه عن ذلك حتى بعد أن حرّكت أساطيلها، فتدخّلت أميركا ورتّبت انقلاباً عليه وأزاحته وأعادت الأمور إلى نصابها. منذ ذلك الحين تسلّمت أميركا دور حماية نفط الخليج ووضعت خطاً أحمر لأي من تسوّل له نفسه التلاعب فيه. إضافة إلى ذلك تسلّمت أميركا، حامية النفط، قيادة الغرب السياسية في منطقة الشرق الأوسط، فهي التي تقود والدول الغربية تتبع.

ولم تتوان أميركا عن لعب هذا الدور حتى في أحلك أيامها، خصوصاً بعد الحروب الطويلة التي خاضتها في أنحاء متفرقة من العالم والتي غالباً ما جعلت الشعب الأميركي يميل إلى الانعزالية (Isolationism)، فبعد الحرب العالمية الثانية مثلاً جاء الرئيس هاري ترومان ووزير خارجيته الجنرال جورج مارشال، اللذان تغلّبا على رغبة الأميركي بالانعزال عن العالم، وأعاداه إلى الساحة الدولية من خلال خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا الغربية وإنقاذها من الشيوعية، مترافقة بحرب باردة ضد الاتحاد السوفياتي. وبعد حرب فيتنام وأزمة الرهائن الأميركيين في إيران، عاد الأميركي إلى انعزاله، فجاء الرئيس رونالد ريغان صاحب عقيدة «الاحتواء»، التي كانت تهدف إلى عرقلة التوسُّع الشيوعي حيثما وجد، والتي نجحت إلى حد كبير بالوصول إلى أهدافها، في أنغولا ضد التدخل العسكري للاتحاد السوفياتي وكوبا، وفي كمبوديا ضد تدخل فيتنام، وطبعاً في أفغانستان ضد التدخُّل السوفياتي، الذي يعتقد كثيرون أن انسحاب جيوشه مكسورة من هناك كان أحد الأسباب الرئيسية في تفكيك الاتحاد بعد سنتين من ذلك.

أعطي هذين المثلين، وهناك أمثال أخرى مشابهة في التاريخ الأميركي، لأصلَ إلى كيفية تعامل الرئيس باراك أوباما مع العراق وسورية، هو الذي وصل إلى سدَّة الرئاسة بعد سبع سنوات من الحروب الفاشلة وغير المنتهية في أفغانستان والعراق، وفي جو شعبي يطالب بالانعزال من جديد. ولكن، على عكس ترومان وريغان، جاء أوباما إلى الحكم مسانداً رغبة الأميركي بالانعزال، ومؤمناً بضرورة انسحاب أميركا ليس فقط من الحروب التي كانت فيها، بل من قيادة العالم.

عقيدة أوباما في السياسة الخارجية ألخّصها بموقفين معلنين: الموقف الأول عبّر عنه أمام الإعلاميين الذين رافقوه في رحلة إلى شرق آسيا في ربيع السنة الماضية، عندما قال إن سياسته الخارجية «تتمحور حول مفهوم واحد: لا ترتكب حماقات». وفي مؤتمر صحافي لاحِق شَرَحَ مُجدداً ما هي «عقيدته» في السياسة نفسها، قائلاً: «قد لا تكون [عقيدتي] مثيرة... ولكنها تتفادى الأخطاء». ثم اقتبس من لعبة البايسبول الشعبية الأميركية، حيث لا يُسجِّل هدفاً إلا بعد الوصول إلى القاعدة الرابعة، قائلاً: «تصل أحياناً إلى القاعدة الأولى، وأحياناً إلى الثانية، وبين الحين والحين تسجِّل هدفاً». وعندما سُئِلت هيلاري كلينتون عن هذه التصريحات أجابت: «الدول العظمى تتطلّب مبادئ تنظيمية، و «لا تفعل حماقات» ليس مبدأ تنظيمياً».

الموقف الثاني جاء على لسان أحد كبار معاونيه، وهو الأشهر في هذا المجال: «القيادة من الخلف». أميركا كما أرادها أوباما لا تقود من الأمام، غيرها يفعل ذلك وهي تسانده، هكذا فعلت بالنسبة إلى ليبيا، حيث ساندت الناتو من خلال ضربة استباقية بواسطة صواريخ أُطلقت من البحر على دفاعات ليبيا الجوية، ثم مساندة لوجيستية من بُعد، وهكذا فعلت أيضاً في مالي بمساندتها اللوجستية للجيش الفرنسي على الأرض.
ولخّص أحد الكتّاب الأميركيين سياسة أوباما الخارجية قبل بدء الغارات الأميركية على سورية بأيام كالآتي: «إنها سياسة تردُّد وتأجيل وتفادي أخذ القرارات، تتّسم بمناشدات حزينة لما يسمّى المجتمع الدولي ليفعل ما لا يستطيع أحد أن يفعله سوى الولايات المتحدة». ويضيف أحد المحلّلين الرئيسيين في «نيويورك تايمز»: «أنا لا أتهم الرئيس أوباما بالجبن، لكنّي أتهمه بأنه يبالغ بالحذر، ولا يعلم ماذا يفعل».

في آخر كانون الأول (ديسمبر) 2011، وبينما كانت الفوضى تعمّ سورية، إذ كانت ثورتها السلمية قد تحولت ثورة مسلحة قبل حوالى ستة أشهر، سحب أوباما الجيش الأميركي من العراق تاركاً وراءه ما كان يسمى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق» من دون أن يتم القضاء عليه كلياً، إذ كان بقي منه حوالى 700 مقاتل وفق تقديرات الاستخبارات المركزية الأميركية. الفوضى في سورية أعادت الحياة إلى التنظيم، الذي سرعان ما أعاد ترتيب صفوفه بقيادة أبو بكر البغدادي.
حاول الكثيرون من كبار مستشاري الرئيس أوباما إقناعه بالتدخل في سورية باكراً ومساندة «الجيش الحر» لإنهاء النزاع قبل تغلغل «القاعدة» و «الدولة الإسلامية» فيها، لكنه كان يسخر من الفكرة، إذ قال لأحد الصحافيين: «عندما يكون هناك جيش محترف... يحارب فلاحاً ونجاراً ومهندساً بدأوا كمتظاهرين وفجأة وجدوا أنفسهم في وسط حرب أهلية، فإن الفكرة القائلة إن باستطاعتنا تغيير المعادلة على الأرض من دون أن نورط جيشنا ليست أبداً صحيحة». ووفق مذكراتهم، فإن وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع روبرت غايتس، وليون بانيتا رئيس وكالة الاستخبارات المركزية ولاحقاً وزير الدفاع، ألحّوا عليه بالتدخُّل، ولكن من دون جدوى. وهناك تقرير حضّرته «وكالة استخبارات الدفاع الأميركية»

(Defense Intelligence Agency U.S) في آب (أغسطس) 2012، يحذّر من خطر توسُّع المجموعات الإسلامية «وإمكان إعلانها دولة إسلامية من خلال التحالف مع قوى إرهابية أخرى في العراق وسورية»، لكن أوباما لم يعره أي اهتمام. وبعد أقل من سبعة أشهر أعلن البغدادي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» في نيسان (أبريل) 2013، ومن ثم الخلافة في حزيران (يونيو) 2014.

على رغم ذلك، ظل أوباما مصرّاً على موقفه، حتى اليوم الذي سبق ذبح الصحافي الأميركي جايمس فولي في 19 آب من السنة الماضية. في ذلك اليوم (أي 18 آب) صرّح أوباما في مؤتمر صحافي أن محاربة تنظيم «داعش» ليست مسؤولية أميركا، مضيفاً: «نحن لسنا الجيش العراقي ولسنا حتى الطيران الحربي العراقي. أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية، وعلى العراق في النهاية أن يؤمّن سلامته بنفسه». لكن الفيديو الوحشي الذي وزعه «تنظيم الدولة» في اليوم التالي قلب بسرعة الرأي العام الأميركي لمصلحة التدخُّل، ما دفع أوباما إلى تغيير موقفه، فبدلاً من أوباما المنكفئ برز على الساحة أوباما المحارب المتردِّد.
بدأ الهجوم الأميركي في 23 أيلول (سبتمبر) 2014. هدفُ الضربات الذي أعلنه أوباما شخصياً تألف من أربع نقاط:

 - دعم القوى التي تحارب على الأرض ومتابعة البحث عن حل سياسي للأزمة.
 - الحؤول دون تمكُّن التنظيم من القيام بهجمات وتجفيف مصادر تمويله.
 - مساعدة المدنيين الأبرياء الذين هجّرهم تنظيم «داعش».
 - وبالنتيجة إنهاك التنظيم ومن ثم القضاء عليه.

ماذا تحقق من هذه الخطة خلال السنة التي تلت، أي حتى أيلول الماضي؟

حاولت أميركا تدريب قوة على الأرض، تم اختيار300 عنصر من الذين تقدّموا للتطوُّع، طُلب منهم توقيع تعهُّد بعدم محاربة النظام بل محاربة «داعش» فقط. وقّع منهم أربعون تم تدريبهم وانسحب المتبقون. أُرسلوا إلى سورية فقُتِل بعضهم وخُطف آخرون مع أسلحتهم من قبل «جبهة النصرة». بقي منهم وفق «واشنطن بوست» «أربعة أو خمسة» فقط يحاربون «داعش». أوقف البرنامج في أيلول الماضي بعد أن كلّف أكثر من 50 مليون دولار، أي أكثر من 10 ملايين دولار لتدريب وتجهيز كل مقاتل.

بالنسبة إلى تجفيف مصادر تمويل «داعش»، فقد أصبح التنظيم مكتفياً ذاتياً، بشكل خاص من خلال الضرائب والرسوم، ومن بيع النفط من الآبار التي يسيطر عليها في سورية والعراق إلى النظام السوري وإلى الخارج. على رغم الغارات الخجولة من طيران التحالف ومؤخراً الطيران الروسي، من غير المنتظر أن يتم تدمير الآبار أو معظمها أو حتى تدمير وسائل النقل، لأن ذلك سيشكل من جهة كارثة اقتصادية للعراق وسورية بعد «داعش»، ومن جهة أخرى، سيجفّف حالياً المصدر الرئيسي للنفط ومشتقاته للنظام السوري، ما لا يريده أي من الفرقاء الخارجيين، لا التحالف الأميركي ولا التحالف الروسي- الإيراني. المهم في الأمر هو أن مدخول التنظيم حالياً يبلغ ما يقارب بليون دولار سنوياً وفق تقرير نُشر في صحيفة «نيويورك تايمز».

بالنسبة إلى مساعدة المدنيين الأبرياء، اقتصرت المساعدة الأميركية بشكل رئيسي على إلقاء المعونات الغذائية للإيزيديين من الجو في منطقة سنجار، لكن الكثيرين منهم قُتلوا أو أُخذوا أسرى أو رقيقاً للبيع.

أما بالنسبة إلى إنهاك التنظيم عسكرياً ومن ثم القضاء عليه، فالتقديرات الأخيرة تدل أيضاً على عكس ذلك، فتنظيم «داعش» أصبح، وفق قول الجنرال ديمبسي رئيس الأركان الأميركي الشهر الماضي، يسيطر على 250 ألف كيلومتر مربع من سورية والعراق، أي على منطقة توازي مساحتها مساحة بريطانيا العظمى، ويقطنها بين 10 و12 مليون نسمة. ووفق أكثر التقديرات صدقية، فإن لدى التنظيم ما يقارب المئة ألف مقاتل إضافة إلى أعداد كبيرة من رجال الأمن والموظفين الرسميين. ولعل الأمر الأكثر دلالة على توسُّع «داعش» خلال السنة الماضية هو الزيادة الكبيرة في أعداد المجنّدين الأجانب لديه، فبينما كان عدد المقاتلين الأجانب لدى «داعش» حوالى 18 ألف عنصر من 90 دولة آخر سنة 2014، أصبح العدد في تشرين الثاني (نوفمبر) من هذه السنة أكثر من 30 ألف عنصر من 100 دولة، أي بزيادة الثلثين في عديده، وذلك وفق وكالة الاستخبارات الأميركية.

فشل الخطة الأميركية وازدياد عنف المعارك على الأرض ومن الجو، ترافقا مع تدفق اللاجئين إلى أوروبا بأعداد كبيرة، ما خلق جواً من القلق في تلك البلدان، ممزوجاً بجرعة لا بأس بها من الإسلاموفوبيا. غربٌ متردّد لأن قائده التقليدي يصر على القيادة من الخلف، ومرتعد من ارتداد الأزمة عليه إرهاباً ولاجئين، ما فتح الباب لتدخُّل روسيا العسكري في آخر أيلول الماضي، وأضاف عقدة جديدة في مجرى الأمور المعقدة أصلاً. كما أن تنظيم «داعش»، تحت هذه الضربات المكثّفة والخسارات، ولو محدودة على الأرض، غيّر استراتيجيته بشكل خطير، فبينما لم تكن له حتى الماضي القريب، أنشطة إرهابية في البلدان الغربية وروسيا، بدأ بالانتقام من الدول المشاركة في الهجومات الجوية عليه من خلال القيام بأعمال إرهابية وحشية فيها، ما يُنذر بإمكانية تحوّله إلى هذا النمط من التحرُّك كلما تم التغلب عليه عسكرياً في المستقبل.

نشهد اليوم حرباً متعددة الأطراف، كل طرف أو أكثر له استراتيجيته وأهدافه. أميركا وتركيا وغالبية الدول العربية الإقليمية، على سبيل المثال، تصر على أن لا إمكان لقهر تنظيم «داعش» سوى برحيل الأسد ومعاونيه. إيران تريد بقاء الأسد إلى الأبد وحليفتها روسيا تؤيدها بالتركيز على ضرب القوى التي تبغي إزاحته بدلاً من ضرب «داعش»، علماً أن لا اتفاق بين المغيرين على ما هي التشكيلات المقاتلة التي تُعتبر إرهابية. وكل الأفرقاء الخارجيين يقولون إن من غير الممكن التغلب على «داعش» من دون وجود قوة ضاربة كبيرة على الأرض، ولا أحد يريد أن يضع قواته على الأرض. أما الخلاف بينهم حول توزيع الحصص في سورية والعراق بعد انتهاء الأزمة، فحدّث ولا حرج.

أين نحن من النهاية؟ الجواب على هذا السؤال يقع خارج نطاق هذه المقالة، ولذا أكتفي بما قال تشرتشل بعد معركة العلمين خلال الحرب العالمية الثانية عندما سُئِل السؤال نفسه. قال: «نحن لم نصل إلى النهاية ولا حتى إلى بداية النهاية. في أحسن الأحوال لربما نكون قد وصلنا إلى نهاية البداية». ودامت الحرب بعد ذلك ثلاث سنوات.

 * سفير لبنان في واشنطن سابقاً، والنص مقاطع من محاضرته في المؤتمر السنوي لرابطة أصدقاء كمال جنبلاط في بيروت - 3/12/2015
English Summary:

How the West Failed in Facing Terrorism in Syria and Iraq

Since The early 1950s, the United States assumed the role of protector of Middle East oil replacing the declining British Empire. In this role the U.S. became also the political leader of the West in the Middle East: It lead and the rest followed.

This was true even during the fits of isolationism that spread among Americans after protracted wars. After WWII, for example, the U.S. government overcame isolationist feelings among the population through the Marshall Plan and the cold war with the Soviet Union during the Truman era, and after Vietnam through Reagan’s policy of “containment” which had many successes, most important among which was the role the U.S. played in Afghanistan which led to the withdrawal of the Soviet army and contributed to the dissolution of the Soviet Union two years later.

Obama came to the presidency during two losing wars in Iraq and Afghanistan. His policy, however, was supportive of isolationism and wanted America to withdraw not only from these two countries but from the leadership of the Western World. Obama’s foreign policy doctrine may be summarized in statements he and his senior White House officials made describing it: “don’t make stupid shit” and “leading from behind,” in the sense that others do the fighting and America supports them from a distance logistically. “I do not accusePresident Obama of personal cowardice. I do, however, accuse him of an excess of caution and not knowing what he is doing” wrote recently a senior writer 
in the New York Times.

 When Obama withdrew American troops from Iraq at the end of 2011, Syria was already in the middle of an armed conflict. The Qaeda in Iraq was weakened but not destroyed as it still had about 700 fighters. The chaos in Syria helped it to rejuvenate itself. Senior advisors to Obama, Hillary Clinton, Leon Panetta and Robert Gates, all advised him to try to end the conflict soon and before the Qaeda regains its strength but to no avail. A report by the Defense Intelligence Agency dated August 2012 warned of the strong possibility of the creation of an “Islamic State” was also discarded.  The “Islamic State in Iraq and the Levant” (ISIS or ISIL) was actually declared by its leader al Baghdadi in April 2013 and the Caliphate in June 2014.

Still Obama refused to act. One day before the brutal murder of James Foley, on 18 August 2014 Obama declared that ISIS was not America’s responsibility but the responsibility of Iraq that has to insure its own safety. But the video distributed by ISIS of the killing of Foley changed American public opinion towards interference in Syria and Iraq which forced Obama into announcing the bombing of ISIS in the context of specific goals. Briefly stated they were: to support local fighters and pursue a political solution; to dry up all sources of financing for ISIS; to help Yazidis who were being displaced by ISIS; and to “degrade and ultimately destroy the terrorist group.”

On training local fighters: 300 volunteers were vetted; they were asked to sign a pledge not to fight the regime, only ISIS; 40 accepted and were trained; they were sent to Syria and most were immediately killed or captured with their equipment by Nusra (al Qaeda fighters); 4 or 5 remained to fight ISIS; total cost $50 million or $10 million per fighter.
On drying up of ISIS financing: The group has become self-financing to the largest extent from taxes and the sale of oil in the black market and to the Syrian government.
On helping Yazidis ; Many Yazidis were killed and more taken as slaves.
On degrading and destroying the group: The opposite has happened so far. According to General Dempsey the group occupies now an area equivalent to the size of Great Britain, where 10 to 12 million people live. Most significant, when the bombing started in September 2014 ISIS had 18000 foreign fighters from 90 countries. Now less than a year later it had 30000 foreign fighters from 100 countries.

A general who wants to lead from behind, the failure of the American plan and the flow of refugees into Europe all created confusion among allies and the proper atmosphere for the intervention of the Russians, which of course complicated further the situation. None of the international combatants agree on most of the major issues involved, such as the fate of Bashar al Assad or which of the fighting groups in Syria is to be considered as terrorist or indeed the final solution and how to ultimately divide the pie. All agree, however, that they need boots on the ground but none wishes to use its own troops.


Where from here? The answer falls out of the scope of this article. One can only borrow what Churchill said when the allies won their first battle of WWII at al Alamein: “Now this is not the end. It is not even the beginning of the end. But it is, perhaps, the end of the beginning.” And the war continued for another three years.

Friday, December 4, 2015

ألحرب على الإرهاب



كيف فشل الغرب في مواجهة الإرهاب في سوريا والعراق
رياض طباره[1]

خرجت الإمبراطورية البريطانية من الحرب العالمية الثانية منهكة، بينما برزت أميركا كدولة عظمى جديدة على الساحة الدولية. وعندما أَمّم رئيس الوزراء الإيراني محمد مصدّق بترول إيران سنة 1951 لم تستطع بريطانيا، التي كانت قد خسرت الهند، وضعُفت سيطرتها على المستعمرات الأخرى، أن تثنيه عن ذلك، حتى بعد أن حركت أساطيلها، فتدخلت أميركا ورتبت انقلاباً عليه وأزاحته وأعادت الأمور إلى نصابها. منذ ذلك الحين استلمت أميركا دور حماية بترول الخليج ووضعت خطاً أحمر لأي من تسوّله نفسه التلاعب فيه. إضافة إلى ذلك استلمت أميركا، حامية البترول، قيادة الغرب السياسية في منطقة الشرق الأوسط، فهي التي تقود والدول الغربية تتبع.

لم تتوان أميركا عن لعب هذا الدور حتى في أحلك أيامها، بخاصة بعد الحروب الطويلة التي خاضتها في أنحاء متفرقة من العالم والتي غالباً ما جعلت الشعب الأميركي يميل إلى الإنعزالية (Isolationism). فبعد الحرب العالمية الثانية مثلاً جاء الرئيس هاري ترومان ووزير خارجيته الجنرال جورج مارشال الذين تغلبا على رغبة الأميركي بالإنعزال عن العالم، وأعادوه إلى الساحة الدولية من خلال خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا الغربية وإنقاذها من الشيوعية، مترافقة بحرب باردة مع الإتحاد السوفياتي. وبعد حرب فييتنام وأزمة الرهائن الأميركيين في إيران، عاد الأميركي إلى انعزاله، فجاء بعد سنين قليلة الرئيس رونالد ريغان صاحب عقيدة "ألإحتواء" التي كانت تهدف إلى عرقلة التوسع الشيوعي حيثما وجد، والتي نجحت إلى حد كبير بالوصول إلى أهدافها، في أنغولا ضد التدخل العسكري للإتحاد السوفياتي وكوبا ، وفي كمبوديا ضد تدخل فييتنام ، وطبعاً في أفغانستان ضد التدخل السوفياتي الذي يعتقد الكثيرون أن انسحاب جيوشه مكسورة من هناك كان أحد الأسباب الرئيسية في تفكيك الإتحاد بعد سنتين من ذلك.

أعطي هذين المثلين، وهناك أمثال أخرى مشابهة في التاريخ الأميركي، لأصل إلى كيفية تعامل الرئيس باراك أوباما مع العراق وسوريا، وهوالذي وصل إلى سدَّة الرئاسة بعد سبع سنوات من الحروب الفاشلة وغير المنتهية في أفغانستان والعراق، وفي جو شعبي يطالب بالإنعزال من جديد. ولكن على عكس ترومان وريغان جاء أوباما إلى الحكم، مسانداً لرغبة الاميركي بالإنعزال، ومؤمناً بضرورة انسحاب أميركا، ليس فقط من الحروب التي كانت فيها، بل من قيادة العالم.

عقيدة أوباما في السياسة الخارجية ألخصها بثلاثة مواقف: ألموقف الأول عبّر عنه أمام الإعلاميين الذين رافقوه في رحلة إلى شرق آسيا في ربيع السنة الماضية. فبعد أن ذكّره بعض الإعلاميين بالإنتقادات الموجهة لسياسته الخارجية قال أوباما أن سياسته "تتمحور حول مفهوم واحد: لا ترتكب حماقات." وعندما سئلت هيلاري كلينتون عن ذلك لاحقاً في مقابلة صحفية أجابت: "الدول العظمى تتطلب مبادئ تنظيمية، ولا تفعل حماقات ليس مبدأ تنظيمياً."
ألموقف الثاني جاء خلال مؤتمر صحفي في الفيليبين عندما طلب منه أحد المراسلين أن يشرح لهم ما هي "عقيدة أوباما" في السياسة الخارجية. أجاب أوباما: "قد لا تكون [عقيدتي] مثيرة sexy))... ولكنها تتفادى الأخطاء." ثم اقتبس من لعبة البايسبول الشعبية الأميركية حيث لا يُسجّل هدفاُ إلا بعد الوصول إلى القاعدة الرابعة قائلاً: "تصل أحياناً إلى القاعدة ألاولى وأحياناً إلى الثانية ومن حين إلى حين تسجّل هدفاً."  
الموقف الثالث جاء على لسان أحد كبار معاونيه وهو الأشهر بين المواقف الثلاثة: "القيادة من الخلف." أميركا كما أرادها أوباما لا تقود من الأمام. غيرها يفعل ذلك وأميركا تسانده. هكذا فعلت بالنسبة لليبيا حيث ساندت الناتو من خلال ضربة استباقية بواسطة صواريخ أطلقت من البحر على دفاعات ليبيا الجوية ثم مساندة لوجيستية عن بُعد. وهكذا فعلت أيضاً في مالي بمساندتها اللوجستية للجيش الفرنسي على الأرض.

وقد لخّص أحد الكتّاب الأميركيين سياسة أوباما الخارجية قبل بدء الغارات الاميركية على سورية بأيام كالآتي: "إنها سياسة تردد، وتأجيل وتفادي أخذ القرارات، تتسم بمناشدات حزينة لما يسمّى المجتمع الدولي ليفعل ما لا يستطيع أحد أن يفعله سوى الولايات المتحدة." ويضيف أحد المحللين الرئيسيين في النيويورك تايمز: "أنا لا أتهم... الرئيس أوباما بالجبن. ولكني أتهمه بأنه يبالغ بالحذر، ولا يعلم ماذا يفعل."

في آخر كانون الأول سنة 2011، وبينما كانت الفوضى تعمّ سوريا، إذ كانت ثورتها السلمية قد تحولت إلى ثورة مسلحة قبل حوالي ستة أشهر، سحب أوباما الجيش الأميركي من العراق تاركاً وراءه ما كان يسمى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" ضعيفاً بعد أن حجمته عسكرياُ القوات الأميركية والعشائر السنية (الصحوة) ولكن حيا،ً لم يتم القضاء عليه كلياً، إذ كان قد بقي منه حوالي 700 مقاتل بحسب تقديرات المخابرات المركزية الأميركية. ألفوضى في سوريا أعادت الحياة للتنظيم الذي سرعان ما أعاد ترتيب صفوفه  بقيادة أبو بكر البغدادي.

حاول الكثيرون من كبار مستشاري الرئيس أوباما إقناعه بالتدخل في سوريا باكراً ومساندة الجيش الحر لإنهاء النزاع قبل تغلغل القاعدة والدولة الإسلامية فيها، ولكنه كان يسخر من الفكرة إذ قال لأحد الصحفيين: عندما يكون هناك جيش محترف... يحارب فلاحاً ونجاراً ومهندساً بدأوا كمتظاهرين وفجأة وجدوا أنفسهم في وسط حرب أهلية، فإن الفكرة القائلة أن باستطاعتنا تغيير المعادلة على الأرض دون ان نورط جيشنا ليست أبداُ صحيحة." وبحسب مذكراتهم، فإن وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون، ووزير الدفاع روبرت غايتس، وليون بانيتا رئيس وكالة الإستخبارات المركزية ولاحقاً وزير الدفاع، كلهم ألحّوا عليه بالتدخل ولكن دون جدوى. وهناك تقرير حضّرته "وكالة إستخبارات الدفاع ألأميركية" (Defense Intelligence Agency U.S.) في آب من سنة 2012 يحذر من خطر توسع المجموعات الإسلامية "وإمكانية إعلانها دولة إسلامية من خلال التحالف مع قوى إرهابية أخرى في العراق وسوريا،" ولكن أوباما لم يعره أي اهتمام. وبعد أقل من سبعة أشهر أعلن البغدادي "الدولة الإسلامية في العراق والشام" في نيسان 2013 ومن ثم الخلافة في حزيران 2014.

رغم ذلك، ظل أوباما مصرّاً على موقفه حتى  اليوم الذي سبق ذبح الصحفي ألاميركي جايمس فولي في 19 آب من السنة الماضية. في ذلك اليوم (أي 18 آب) صرّح أوباما في مؤتمر صحفي أن محاربة تنظيم داعش ليست من مسؤولية أميركا مضيفاً: "نحن لسنا الجيش العراقي ولسنا حتى الطيران الحربي العراقي. أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية وعلى العراق في النهاية أن يؤمّن سلامته بنفسه." ولكن الفيديو الوحشي الذي وزعه تنظيم الدولة في اليوم التالي قلب بسرعة الرأي العام الأميركي لصالح التدخل، ما دفع أوباما على تغيير موقفه. فبدلاً من أوباما المنكفيء برز على الساحة أوباما المحارب المتردد.

بدأ الهجوم الأميركي في 23 أيلول 2014. هدف الضربات الذي أعلنه أوباما شخصياً تألف من أربع نقاط:
- دعم القوى التي تحارب على الأرض ومتابعة البحث عن حل سياسي للأزمة.
- ألحيال دون تمكن التنظيم من القيام بهجمات وتجفيف مصادر تمويله.
- مساعدة المدنيين الأبرياء  الذين هجّرهم تنظيم داعش.
- وبالنتيجة إنهاك التنظيم ومن ثم القضاء عليه.
ماذا تحقق من هذه الخطة خلال السنة التي تلت، أي حتى ايلول الماضي؟

حاولت أميركا تدريب قوة على الأرض. تم اختيار300 عنصر من الذين تقدموا للتطوع. طلب منهم توقيع تعهد بعدم محاربة النظام بل محاربة داعش فقط. وقّع منهم  أربعون تم تدريبهم وانسحب الباقون. أرسلوا إلى سوريا فقتل بعضهم وخُطف آخرون مع أسلحتهم من قبل جبهة النصرة. بقي منهم بحسب الواشنطن بوست "أربعة أو خسمة" فقط يحاربون داعش. أوقف البرنامج في أيلول الماضي بعد أن كلّف أكثر من 50 مليون دولار، أي أكثر من 10 ملايين دولار لتدريب وتجهيز كل مقاتل.
بالنسبة لتجفيف مصادر تمويل داعش، فقد أصبح التنظيم مكتف ذاتياً، بشكل خاص من خلال الضرائب والرسوم، ومن بيع البترول من آبار النفط العديدة التي يسيطر عليها في سوريا والعراق إلى النظام السوري وإلى الخارج. منذ أسابيع حصل هجوم أميركي على أحد آبار البترول الداعشي، وعلى وسائل النقل فيه،  وبعدها حصل هجوم من قبل الطائرات الروسية، ولكن من غير المنتظر أن يتم تدمير ألآبار أو معظمها أو حتى تدمير وسائل النقل لأن ذلك سيشكل من جهة كارثة إقتصادية للعراق وسوريا بعد داعش، و من جهة أخرى، يجفف حالياً المصدر الرئيسي للبترول ومشتقاته للنظام السوري، ما لا يريده إي من الأفرقاء الخارجيين، لا التحالف الأميركي ولا التحالف الروسي الإيراني. المهم في الأمر هو أن مدخول التنظيم حالياً يبلغ ما يقارب المليار دولار سنوياً بحسب تقرير نشر مؤخراً في صحيفة النيويورك تايمز.

بالنسبة لمساعدة المدنيين الأبرياء فقد اقتصرت المساعدة الأميركية بشكل رئيسي على إلقاء المعونات الغذائية للأيزيديين من الجو في منطقة سنجار ولكن الكثير منهم قُتلوا أو أخذوا أسرى أو رقيق للبيع.

أما بالنسبة لإنهاك التنظيم عسكرياُ ومن ثم القضاء عليه، فالتقديرات الأخيرة تدل أيضاً على عكس ذلك. فتنظيم داعش أصبح، بحسب قول الجنرال ديمبسي رئيس الأركان الأميركي الشهر الماضي، يسيطرعلى 250 الف كيلومتر مربع من سوريا والعراق، أي على منطقة توازي مساحتها مساحة بريطانيا العظمى، ويقطنها ما بين 10 و 12 مليون نسمة.  وبحسب أكثر التقديرات مصداقية، فإن لدى التنظيم ما يقارب المئة ألف مقاتل إضافة إلى أعداد كبيرة من رجال الأمن والموظفين الرسميين. ولعل الأمر الأكثر دلالة على توسع داعش خلال السنة الماضية هو الزيادة الكبيرة في أعداد المجندين الأجانب لديه. فبينما كان عددالمقاتلين الأجانب لدى داعش حوالي 18ألف عنصر من 90 دولة آخر سنة 2014، أصبح العدد في تشرين الثاني من هذه السنة أكثر من 30 الف عنصر من 100 دولة، أي بزيادة الثلثين في عديده، وذلك بحسب وكالة الإستخبارات الأميركية.

فشل الخطة الأميركية، وازدياد عنف المعارك على الأرض ومن الجو، ترافقا مع تدفق اللاجئين إلى أوروبا بأعداد كبيرة، ما خلق جواً من القلق في تلك البلدان، ممزوج بجرعة لا بأس بها من الإسلاموفوبيا.  غربٌ متردد لأن قائده التقليدي يصر على القيادة من الخلف، ومرتعد من ارتداد الأزمة عليه إرهاباُ ولاجئين،  فتحا الباب لتدخل روسيا العسكري في آخر أيلول الماضي، ما أضاف عقدة جديدة في مجرى الأمور المعقدة أصلاً. كما أن تنظيم داعش، تحت هذه الضربات المكثفة، وخسارات ولو محدودة على الارض،غيّر إستراتيجيته بشكل خطير . فبينما لم يكن له، حتى الماضي القريب، أنشطة إرهابية في البلدان الغربية وروسيا، بدأ بالإنتقام من الدول المشاركة في الهجومات الجوية عليه من خلال القيام بأعمال إرهابية وحشية فيها ، ما ينذر بإمكانية تحوّله إلى هذاالنمط  من التحرك كلما تم التغلب عليه عسكرياً في المستقبل.

نشهد اليوم حرباً متعددة الأطراف كل طرف أو أكثر له استراتيجيته وأهدافه. أميركا وتركيا وغالبية الدول العربية الإقليمية، على سبيل المثال، تصر على أن لا إمكانية لقهر تنظيم داعش سوى برحيل ألأسد ومعاونيه. إيران تريد بقاء الأسد إلى الأبد وحليفتها روسيا تؤيدها بالتركيز على ضرب القوى التي تبغي إزاحته بدلاً من ضرب داعش، علماً بأن لا اتفاق بين المغيرين على ما هي التشكيلات المقاتلة التي تعتبر إرهابية. وكل الأفرقاء الخارجيين يقولون أنه من غير الممكن التغلب على داعش دون وجود قوة ضاربة كبيرة على الأرض، ولا أحد منهم يريد أن يضع قواته على الأرض.  أما الخلاف بينهم حول توزيع الحصص في سوريا والعراق بعد انتهاء الأزمة، فحدّث ولا حرج.

يسأل البعض، أين نحن من النهاية؟ من حسن حظي أن الجواب على هذا السؤال يقع خارج ما طلب مني في هذه الكلمة. سأقول فقط لمن يسأل ما قاله تشرتشل بعد معركة العلمين خلال الحرب العالمية الثانية. قال: "نحن لم نصل إلى النهاية ولا حتى إلى بداية النهاية. في أحسن الأحوال لربما نكون قد وصلنا إلى نهاية البداية." ودامت الحرب بعد ذلك ثلاث سنوات.


[1]  محاضرة ألقيت في المؤتمر السنوي لرابطة أصدقاء كمال جنتلاط حول "ألشرق الأوسط ومخاطر التطرف الديني" في 3 كانون أول من سنة 2015. 

Tuesday, December 1, 2015

In spite of the present hype



Gallup
December 1, 2015

Half of World Satisfied With Efforts to Preserve Environment

As world leaders begin climate talks this week in Paris, Gallup finds about half of the world's adults (51%) continue to be satisfied with their respective country's efforts to preserve the environment. Another four in 10 (41%) are dissatisfied with efforts. Both figures have remained relatively stable over the past few years.


Friday, November 13, 2015

Terrorizing Muslims in East Asia: The Story of Myanmar ترهيب المسلمين في شرق آسيا: قصة ميانمار






http://alhayat.com/Edition/Print/8367591/

٣ أبريل/ نيسان ٢٠١٥
ترهيب المسلمين في شرق آسيا... قصتهم في ميانمار

 English Summary at end

رياض طبارة
لا شك أن الإسلاموفوبيا منتشرة بين العديد من الشعوب الغربية ولها جذور تاريخية، وكثيراً ما تترجم إلى إجراءات تعسفية تصل إلى أعمال عنف ضد المسلمين في تلك الدول. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، تبلغ الاعتداءات على المسلمين، وفق إحصاءات الـ «إف بي آي»، ما بين 100 و150 سنوياً منذ حادثة 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وفي إنكلترا قد تصل إلى أكثر من 500 حادثة اعتداء سنوياً في الوقت الحاضر، وكذلك الأمر بالنسبة الى دول أوروبية أخرى. غير أن العنف الذي تولّده هذه الظاهرة في الدول الغربية، لا يمثل سوى نقطة صغيرة في بحر العنف الناتج من الإسلاموفوبيا على المستوى العالمي، خصوصاً في بلدان شرق آسيا أمثال ميانمار (بورما) وسري لانكا والصين والهند، الذي للأسف لا ينال التغطية الإعلامية الجديرة به، خصوصاً في الإعلام العربي والمسلم باستثناء القليل منه.

في ما يلي قصة ترهيب المسلمين في ميانمار.

جمهورية ميانمار (بورما سابقاً) حيث الغالبية الساحقة والحاكمة تتبع الديانة البوذية (حوالى 90 في المئة من السكان في التعداد)، لم تكن يوماً مثالاً للتسامح الديني مع المسلمين أوالمسيحيين أو الهندوس أو أية من الأقليات الـ135 المعترف بها رسمياً. غير أنها، وباعتراف جميع المراقبين الدوليين، لا تتعامل مع أي منها بالوحشية والعنف اللذين تتعامل بهما مع المسلمين الذين يشكلون حوالى 5 في المئة (أي 2،2 مليون شخص) من الشعب، وخصوصاً مع المجموعة الإثنية المسلمة المعروفة بالروهينغيا التي تشكل نصف المسلمين أو أكثر في البلاد، وتعيش في غالبيتها في شمال ولاية راخين غربي ميانمار.

بعد تظاهرات ومواجهات حصلت بين الروهينغيا والبوذيين في الولاية راح ضحيتها 300 قتيل و140000 شخص مهجر، غالبيتهم الساحقة من المسلمين، تكثفت حملة ضد المسلمين عامة ووضعت أعداداً كبيرة من الروهينغيا في ما يشبه معسكرات اعتقال أو حاصرت قراهم وبلداتهم، بالاشتراك مع الدولة، وحركات بوذية تباركها الدولة مثل حركة 969 التي تستمد إسمها من التعاليم البوذية الدينية ويرأسها الراهب البوذي المتطرف أشين ويراثو. حُرم سكان المعسكرات والبلدات المحاصرة، من الخدمات الطبية التي كان يوفرها «أطباء بلا حدود» حصرياً، بعد أن طردتهم الدولة من تلك المناطق وقام المتطرفون البوذيون بالاعتداء على مقراتهم تحت عين السلطات المحلية، كما يقول نيكولاس كريستوف في «نيويورك تايمز». لا تسمح الدولة بإنشاء مدارس في المناطق التي يسكنها الروهينغيا، كما تحرم هذه المناطق من الاستثمارات الضرورية لخلق فرص عمل. ويضيف كريستوف: ما رأيت في حياتي سوء تغذية أوسع مما هو موجود بين الروهينغيا، ولكن في هذه المعسكرات والبلدات يعود السبب إلى سياسة الحكومة المتعمدة. كما تتعرض الروهينغيا، إضافة إلى هذا كله، للضرب والتعذيب بين الحين والآخر من السلطات المحلية، وفق افتتاحية حديثة في الجريدة نفسها.

تقوم الدولة بسنّ قوانين موجهة الى المسلمين ومجحفة بحقهم، كتلك التي تحرم الزواج المختلط وتحدد عدد الأطفال لأسر الروهينغيا بولدين لا أكثر. كما سحبت الدولة الجنسية من هذه المجموعة من السكان على أساس أنها بنغالية (من بنغلاديش) لاجئة في ميانمار، على رغم أن الروهينغيا تعيش في البلد على الأقل منذ القرن الثامن عشر، والمسلمين في شكل عام منذ القرن الثاني عشر، كما لم تشمل الروهينغيا في التعداد الأخير للسكان لأن هذه المجموعة بنظرها أجنبية. يقول رئيس جمهورية ميانمار تين سين: سنرسلهم إلى خارج البلاد. إنهم في البلاد بصفة غير شرعية، وسنطلب من الأمم المتحدة مساعدتنا للتخلص منهم. أما الأمم المتحدة فقد أدانت في المقابل مرات عدة معاملة ميانمار للروهينغيا الذين تعتبرهم مواطنين ميانماريين. ولتبيان الإسلاموفوبيا المتجذرة هناك، نذكر التظاهرات التي حصلت في البلاد خلال زيارة وفد من منظمة التعاون الإسلامي حديثاً، حملت شعارات معادية للإسلام.

نتيجة لكل ذلك، يحاول الآلاف من المسلمين، خصوصاً الروهينغيا منهم، الهرب من ميانمار إلى ماليزيا، مروراً بتايلند، على أساس أن ماليزيا هي دولة إسلامية قد ترحّب بهم. عشرات الألوف أخذوا هذا الخيار.غير أن الرحلة إلى ماليزيا مليئة بالمخاطر، في الطريق وبعد الوصول.

تأسست مافيا للتهريب تتنافس فيها شرطة ميانمار مع مهربي القطاع الخاص. الشرطة تطلب مئة دولار للشخص لرحلة بحرية، بينما يتقاضى مهربو القطاع الخاص تعرفة أقل وفق «نيويورك تايمز». أما القلة الميسورة من المسلمين، فباستطاعتهم الحصول على أوراق رسمية وبطاقة سفر بالطائرة الى ماليزيا، بما يعادل 4000 دولار للشخص لرحلة لا تتجاوز تسعين دقيقة تكلّف 88 دولاراً للراكب العادي. معظم الأموال هذه، تذهب إلى موظفي الجمارك في ميانمار.

الرحلة بالبحر قد تنتهي بغرق المركب لثقل حمولته وقدمه، فخلال السنة الماضية فقط يقدر عدد المفقودين في البحر من الروهينغيا بألفي شخص. في الطريق كثيراً ما يبيع المهربون حمولتهم لمسؤولي الهجرة في تايلند، الذين يبيعونها بدورهم لأشخاص آخرين كرقيق (عبيد) ليعملوا في المزارع الكبرى في تايلند أو على المراكب. أما الذين تسوّل لهم أنفسهم الهرب، فالعقاب صارم يصل وفق التقارير إلى قطع أربع أصابع من اليد اليمنى.
أما بالنسبة الى الذين يصلون في النهاية إلى ماليزيا، فكثر منهم يُلقى القبض عليهم ويوضعون في أقفاص في العراء، وآخرون يباعون لمافيات تعمل في الإتجار بالأشخاص تجبرهم على العمل في مجال الدعارة أو العمل بالسخرة. بسبب هذه المعاملة، التي يصفها تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الإتجار بالأشخاص الصادر في حزيران (يونيو) الماضي، قررت الإدارة الأميركية خفض تصنيف ماليزيا في مجال الإتجار بالأشخاص إلى أقل مستوى (الثالث) أي الأسوأ، ووضعها في مصاف دول ككوريا الشمالية وزيمبابوي وإيران وغامبيا وغيرها. لماذا يغامر هؤلاء في تحمّل مخاطر الرحلة؟ الجواب جاء على فم أحد المهاجرين في برنامج عن الموضوع بثّته قناة «الجزيرة»، حين قال إن الموت السريع خلال الرحلة أفضل من الموت البطيء في معسكرات ميانمار.

على رغم ما تقدّم، تبقى الدول العربية والإسلامية صامتة إلى حدّ كبير، وكذلك دول الغرب والمجتمع الدولي عموماً، باستثناء تحرك خجول للإدارة الأميركية. فهذه الإدارة تثمّن تحول ميانمار السياسي نحوها وبعيداً من الصين لما لموقعها الجغرافي من أهمية استراتيجية، ولذلك تتعامل مع مسألة الروهينغيا بكثير من التأني والحذر. وفي خطاب أمام حشد من الشباب خلال زيارة إلى ماليزيا في نيسان (أبريل) من السنة الماضية، ذكر أوباما أن «هناك أقلية مسلمة في ميانمار تنظر إليها الغالبية بفوقية، وحقوقها ليست مصانة في شكل كامل»، من دون ذكر الدور المشين الذي تؤديه تايلند وماليزيا في هذا المجال. في المقابل، في الخطاب الذي ألقاه أوباما في الكلية الحربية الأميركية في الشهر التالي، أتى على ذكر الديموقراطية الناشئة في ميانمار كأحد الإنجازات الديبلوماسية لإدارته، أي من دون الدخول في حرب جديدة. وكانت الإدارة الأميركية دعت رئيس ميانمار تين سين، الى زيارتها في تموز (يوليو) 2012، مشيدة به خلال الزيارة بأنه «مصلح جريء» على رغم التظاهرات المعادية للزيارة أمام البيت الأبيض، وعلى رغم أن مذبحة الروهينغيا تلك السنة لم يكن قد مضى عليها سوى بضعة أشهر.
ولكن، تحت ضغط سلسلة من التقارير التي نشرت حديثاً، في شكل أساسي في «نيويورك تايمز» بين الصحف الأميركية الكبرى، نتيجة زيارات قام بها محرروها (أمثال نيكولاس كريستوف وجاين برليز) إلى ميانمار ابتداءً من أوائل السنة الماضية، اضطرت الإدارة الأميركية بشخص رئيسها، الى التعاطي مع مسألة الأقليات في ميانمار، خصوصاً الروهينغيا، بشيء من الصراحة وكثير من الدبلوماسية. فخلال زيارة أوباما إلى ميانمار في تشرين الثاني (نوفمبر) من السنة الماضية، اعترف الرئيس الأميركي بأن ميانمار قصّرت في تقدّمها نحو الديموقراطية وتعاملها مع الروهينغيا، قائلاً في مؤتمر صحافي مع أونغ سان سو كي البورمية الحائزة جائزة نوبل للسلام بسبب نضالها في سبيل الديموقراطية وحقوق الإنسان في بلدها: «التمييز في المعاملة بالنسبة الى الروهينغيا أو أية أقلية دينية، لا يؤدي في رأيي في الأمد البعيد إلى نوعية من البلاد تريدها بورما». وعلى ذكر سو كي، تجدر الإشارة الى أنها ترفض ذكر الروهينغيا في خطاباتها لأنها تأمل في الوصول إلى رئاسة الجمهورية على رغم الاستياء الواسع دولياً من ذلك، وعلى رغم أن الحكومة تمنعها من خوض الانتخابات بسبب زواجها من أجنبي.

في الخلاصة، ما زال المجتمع الدولي صامتاً إلى حد كبير حيال مأساة المسلمين وإلى حد ما الأقليات الأخرى، في ميانمار، فالإدارة الأميركية التي ألغت عقوبات كانت فرضتها على ميانمار في عهد حكم الجيش الذي انتهى في آذار (مارس) 2011، ترفض إعادة ولو بعضها للضغط على حكومة ميانمار، وما زالت الاستثمارات الغربية تتدفق على ميانمار وكأن شيئاً لم يكن. «إن هذه ليست مأساة مجموعة إثنية مغمورة، هذه مذلّة للحضارة»، يقول كريستوف في «نيويورك تايمز»، ويضيف: «رئيس أوباما... إرفع صوتك».


* سفير لبنان السابق في واشنطن

Summary:
There is no doubt that Islamophobia is widespread in the West. In the U.S., for example, FBI statistics show that there was between 100 and 150 assaults a year on Muslims since 9/11 and in the U.K. they reached around 500 a year recently. But Islamophobia in the West is nothing to compare with its counterpart in some of the East Asian countries, in particular Myanmar (Burma), Sri Lanka, China and India but this remains little known because of the limited coverage in Western media, and particularly in media of Arab and Muslim countries. 

Following is the story of terrorizing Muslims in Myanmar:

Myanmar’s population is 90 per cent Buddhist, 5 per cent Muslim (some 2.2 million) and the rest are Christians, Hindus, or any of over 130 officially recognized ethnic groups. The government treatment of non-Buddhist groups has never been exemplary but its treatment of Muslims, particularly the Rohingya, an ethnic group of Bengali origin who compose approximately half of the Muslim population in the country, has been particularly savage and violent.

After demonstrations in 2012 during which some 300 persons died and 140000 were displaced the vast majority of which were Rohigya, the campaign of discrimination against Muslims intensified: tens of thousands were placed in concentration camps and the rest found their towns and villages besieged. Medical doctors, schools and basic investments are not allowed in these areas and local authorities undertake periodic beatings and torturing of the people there, as was reported by Nicholas Kristof of the New York Times who visited the area. In addition, the government has deprived the Rohingya from their citizenship, and the President, Thein Sein, declared that they are considered as foreigners (they have been living in the country for centuries) and that he will ask the United Nations to help get rid of them. But the UN has condemned on several occasions the way Myanmar treat the Rohingya whom they consider as Myanmar citizens.

As a result, thousands of Rohingya try to escape to Malaysia through Thailand, which encouraged the formation of Mafias, specialized in transporting these illegal migrants for exorbitant fees.  The sea voyage is also extremely dangerous. Last year alone about 2000 perished at sea. Often, those who arrive in Thailand are sold as slaves to work in the large agricultural estates or on ships. Those who attempt to escape receive severe punishment that could include the cutting off of four fingers from the right hand.

As for those who reach Malaysia, many of them are arrested and placed in inhumane prisons made of cages in the open air or sold to mafias specialized in human trafficking and end up working in prostitution or for their food and shelter (as was described in the last report of the US department of State on Human Trafficking issued last June). For this reason the US government has placed Malaysia at the lowest level in with regard to human trafficking together with countries like North Korea, Zimbabwe, Gambia and others. In answer to the question as to why these Rohingya undertake such a perilous journey, one illegal migrant said on a television program on the subject: I prefer to  die during the journey than dying slowly in a camp in Myanmar.

In spite of all this, the United Sates which had lifted in 2011 the sanctions it had imposed on Myanmar during the military rule preceding that year refuses to reinstate them even partially in spite of demands by some media correspondents who visited the area (e.g. Kristof and Jane Perlez) and human rights organizations. American investments are still pouring into the country. In 2012 President Thein Sein paid an official visit to Washington during which he was officially hailed as a “courageous reformer” in spite of demonstrations of human rights advocates in front of the White House and the massacre of Rohingya earlier that year. Even Aung San Suu Kyi, the Burmese Nobel Prize winner, refuses to mention the Rohyingya and their suffering apparently because this would affect negatively her presidential aspirations. “That’s not a tragedy for one obscure ethnic group;” said Kristof in a recent article in the New York Times, “it’s an affront to civilization. Please, President Obama, find your voice.”