English
summary at end of article
www.assafir.com
قضايا
وآراء
تاريخ المقال: 18-06-2014
تاريخ المقال: 18-06-2014
الأسرة
اللبنانية تتغير
رياض
طباره
شهد
لبنان منذ ما قبل الحرب الأهلية انخفاضاً كبيراً في «الخصوبة الكلية»، أي في عدد
الأطفال لكل امرأة. فهذا العدد الذي كان يقارب الستة أطفال لكل امرأة في منتصف
القرن الماضي انخفض الى 1,8 طفل سنة 2004، ووصل اليوم، بحسب تقديرات الأمم
المتحدة، الى1,6 طفل، ما هو دون مستوى الإحلال ـ أي أن يكون هناك 2,1 أطفال لكل
امرأة ليحلا مكانها ومكان زوجها وينجبان بدورهما أطفالاً يحلان مكانهما ـ لكي لا
يتراجع حجم السكان بل يبقى على حاله. ولكن أن يكون مستوى الخصوبة الكلية 1,6 طفل
كما هو الحال اليوم في لبنان فمعنى ذلك أن عدد السكان سيبدأ بالتناقص بصرف النظر
عن الهجرة. وقد بدأ فعلاً التراجع في عدد المقيمين بسبب عامل الهجرة المكثفة الى
الخارج.
النتيجة المباشرة لهذه الحال هي طبعاً الانخفاض في معدل عدد أفراد الأسرة[1]. فمعدل حجم الأسرة في لبنان انخفض من 5,4 أفراد سنة 1970 الى 4,1 سنة 2009 وهو ما زال الى انخفاض. وانخفضت بالتالي نسبة الأسر المؤلفة من 7 أشخاص (مثلاً أب وأم وخمسة أولاد) أو أكثر، من 20 في المئة من مجموع الأسر الى 4,4 في المئة خلال المدة نفسها، وارتفعت بالمقابل نسبة الأسر المؤلفة من شخص أو شخصين من 18 في المئة الى 22 في المئة. ولا شك أنّ هذا الارتفاع الأخير يعود بغالبيته الى ازدياد نسبة الأسر المؤلفة من أب وأم هاجر أبناؤهم الى الخارج يضاف إليهم العازبون والمطلقون والأرامل الذين يعيشون منفردين والذين هم في ازدياد متسارع، خاصة بين النساء، كما سنرى لاحقاً.
الزواج والعزوبة
لأسباب عدة، أهمها الإطالة في سنين الدراسة خاصة بين النساء، تضاف اليها في بلدنا المدة الطويلة لإيجاد عمل والتمكن من تأسيس عائلة، ارتفع سن الزواج في لبنان خلال العقود الماضية بشكل كبير بالنسبة للجنسين، ولكن خاصة بالنسبة للنساء. فسن الزواج الأول ارتفع بين الرجال من أقل من 29 سنة في العام 1970 الى أكثر من 32 سنة في العام 2007. أما بالنسبة للنساء فقد ارتفع سن الزواج الأول خلال المدة نفسها من 23 الى 28 سنة. هذه الارقام هي من الأعلى في العالم باستثناء بعض الجزر والدول الصغيرة جداً.
عندما نتكلم عن الزواج في لبنان، لا بد وأن نذكر تأثير الهجرة المكثفة التي يشهدها البلد على الزواج والعزوبة. فالهجرة الكثيفة التي تركزت على الرجال أخلّت بالتوازن بين الجنسين في سنين الزواج ما نتج عنه ازدياد كبير في عزوبة النساء لم يخفف منه سوى هجرة النساء العازبات التي بدأت تتزايد بدورها في العقدين الماضيين. نتيجة للخلل المذكور، إضافة لربما الى رغبة ناشئة بين الشباب لعدم الزواج، ارتفعت نسبة العازبين، أي الذين لم يتزوجوا أبداً، في كل الفئات العمرية، خاصة بين النساء. ولعل أكثر ما يُظهر هذا التطور هو نسب العازبين والعازبات في الفئة العمرية 45- 49 سنة، أي عندما تصبح أرجحية الزواج ضئيلة (الرسم رقم 1). لقد ارتفعت نسبة العازبين في هذه الفئة العمرية من 5,7 في المئة سنة 1970 الى 8,3 في المئة سنة 2007 بينما ارتفعت نسبة العازبات خلال المدة نفسها من 6,9 في المئة الى 15,6 في المئة، أي الى ضعف مستواها تقريباً بين الرجال، ما يعكس الى حد كبير النقص في عدد الرجال خاصة في أعمار الزواج بسبب الهجرة التي ما زالت بغالبيتها ذكورية.
لا بد من الاشارة هنا الى بعض الامور اللافتة في هذا المجال: أولاً أنّ نسب العزوبة في لبنان، خاصة بين النساء، هي الأعلى بين الدول العربية ولكنها لم تصل بعد الى المستويات المعروفة في معظم أوروبا وأميركا اللاتينية. ثانياً أنّ الفارق الكبير بين نسبة عزوبة النساء ونسبة عزوبة الرجال نادر وجوده في الدول الأخرى (باستثناء الدول العربية) إذ أن نسبة العازبين هي بالفعل أعلى من نسبة العازبات في معظم دول العالم.
الطلاق
تأثرت الأسرة منذ الحرب اللبنانية بالازدياد المتسارع للطلاق. فبحسب الإحصاءات الرسمية، بقيت نسبة المطلقين والمطلقات شبه ثابتة منذ ما قبل الحرب اللبنانية وحتى سنة 2004 ولكنها بدأت تزداد وبسرعة متزايدة منذ ذلك الحين (الرسم رقم 2).
اللافت هنا أيضاًهو أنّ نسبة المطلقات تبلغ مرتين تقريباً نسبة المطلقين، لأن المطلقين يعيدون الزواج أكثر من المطلقات لأسباب قد تكون اجتماعية بشكل خاص. فالرجل المطلق المتقدم نسبياً في السن قد يعاود الزواج من امرأة أصغر منه سناً، بينما الحالة نفسها بالنسبة للمرأة تعتبر نادرة إن لم نقل غير محبذة اجتماعياً.
ولكن رغم الازدياد المطرد والمتسارع في نسب المطلقين والمطلقات، فإنّ مستويات الطلاق في لبنان ما زالت هي الاخرى منخفضة بالنسبة للبلاد الأوروبية والأميركية ومعظم بلدان العالم الثالث. فنسب المطلقين والمطلقات في الفئة العمرية 45 ـ 49 سنة في لبنان، أي عند اكتمال العائلة بشكل كبير، ورغم أنها تتماشى مع النسب في العالم العربي، هي ما زالت بعيدة كثيراً عن مثيلاتها في فرنسا وأميركا والبرازيل (اختيرت لصفاتها التمثيلية) حيث تبلغ ما بين 5 و15 مرة مستوياتها في لبنان. غير أنّ الفارق بين أعداد المطلقات والمطلقين في هذه الدول هو أقل بكثير مما هو عليه في لبنان (والعالم العربي بشكل عام) وعدد المطلقين قد يتجاوز فعلياً عدد المطلقات في بعض الاحيان (البرازيل مثلاً).
الترمّل
نسب الترمل في لبنان بقيت ثابتة الى حد كبير منذ سبعينيات القرن الماضي إذ أنّ نسبة الأرامل، رجالاً ونساءً معاً، تبلغ تقريباً 6 في المئة من مجموع السكان البالغين من العمر 15 سنة وما فوق. غير أنّ الفارق في نسبة الأرامل بين الرجال والنساء، لافت لاتساعه. فمعدل نسبة الأرامل بين الرجال البالغين من العمر 15 سنة وما فوق خلال هذه المدة بلغ حوالي 1,6 في المئة بينما النسبة المقابلة للنساء بلغت حوالي 10 في المئة أي أكثر من 6 مرات نسبة الرجال (الرسم رقم 3). كيف يفسر ذلك؟ أولاً نسبة الترمّل تتأثر عادة بشكل رئيسي بالفارق في مدى الحياة بين الرجال والنساء. ففي كل الدول تقريباً تعمّر المرأة أكثر من الرجل ولذلك فإن نسبة النساء الارامل تفوق دائماً نسبة الرجال. ولكن هذا لا يفسر اتساع الفارق بينهما الذي نجده في لبنان والبلدان العربية. فالمرأة في لبنان تعيش كمعدل سنتين تقريباً أكثر من الرجل بينما تعيش في فرنسا سبع سنوات أكثر. برغم ذلك فإن نسبة النساء الارامل في فرنسا للفئة العمرية 60-64 سنة هي أقل من 4 أضعاف نسبة الرجال مقارنة بـ 6 أضعاف في لبنان. إن السبب الأساسي في الفارق الكبير بين نسب الترمل بين النساء والرجال في لبنان هو أيضاً أن الرجال الارامل يعاودون الزواج أكثر بكثير من النساء الارامل لأسباب اجتماعية بشكل خاص.
خاتمة
في الخلاصة، فإنّ الأسرة في لبنان تتغير بشكل كبير ومتسارع تحت وطأة العوامل الاقتصادية والاجتماعية، إضافة الى عامل الهجرة الشبابية المكثفة. فالأسرة الممتدة المؤلفة من أب وأم وثلاثة أبناء، ذات العلاقة العضوية بالجدين ولربما الأقارب المقربين الآخرين، والتي كانت سمة الأسرة التقليدية بامتياز حتى سبعينيات القرن الماضي، كانت تشكل حلقة رئيسية في شبكة الأمان الاجتماعي، تحتضن كبار السن، مادياً وعاطفياً، وتوفر لأعضائها الكثير من الأمان المادي والمعنوي. حتى الشباب العاطل عن العمل كان يتلقى منها دعماً نوعياً ومادياً يكتسب أهمية استثنائية في غياب التأمين ضد البطالة الذي توفره الدولة في بلدان أخرى. هذه الأسرة الممتدة ضعفت كثيراً وما زالت تتراجع لمصلحة الأسرة النواتية التي بدأت بدورها تتخذ أشكالاً جديدة تتكاثر وتتنوع مع الوقت، كلها تقريباً تنطوي على تراجع في شبكة الامان.
فالأسرة المؤلفة من شخص أو شخصين، والتي أصبحت تشكل حوالي ربع مجموع الأسر في لبنان، والتي تزداد نسبتها بشكل مستمر، لم تعد فقط، أو بشكل رئيسي، لمتزوجين جدد لم ينجبوا أطفالاً بعد كما في الماضي، بل أيضاً، وبشكل متزايد، لأشخاص يعيشون في ترتيبات معيشية أخرى.
إنّ ازدياد نسب هذه الأسر هو بالطبع على حساب الأسرة الممتدة والكثير منها أصبح يفتقد شبكة الأمان التي كان يوفرها ذلك النوع من الأسر، أو حتى التي كانت توفرها الأسرة النواتية التي لم يهاجر أبناؤها. فكبار السن مثلاً، خاصة الأزواج والمطلقين والأرامل والعازبين، حتى ولو حصلوا على تحويلات من الخارج، يفتقدون الى العاطفة التي توفرها الأسرة، وتبعدهم عن الوحدة، كما قد يفتقدون الى العناية الأسرية التي كثيراً ما تستبدل بعناية دور المسنين ودور العجزة التي، بسبب الازدياد الكبير للمسنين نتيجة عملية التعمّر المتسارعة، والتراجع في العناية التي توفرها الاسرة، أصبحت لا تتسع للطلب الكبير عليها وصارت مدة الانتظار في كثير من الأحيان تتجاوز توقعات الحياة عند طالب المأوى.
إنّ هذه التغيرات في طبيعة الأسرة اللبنانية بعضها محتوم لا مفر منه (مثلاً التغيرات الناتجة عن التعمّر) وبعضها الآخر يعالج بسياسات تنموية (مثلاً المشكلات الناتجة عن البطالة والهجرة). ولكن الكثير من نتائجها السلبية، خاصة تلك المتعلقة بالتمزقات في شبكة الأمان الاجتماعي، يعالج بسياسات اجتماعية اقتصادية معروفة سبقتنا اليها العديد من المجتمعات الغربية وغيرها.
إن هذه الدراسة لا تفعل سوى أن تخدش سطح المشكلة على أمل أن تلفت نظر الباحثين والمسؤولين الى مشكلات حاصلة ومنتظرة نعتبرها ذات أهمية كبيرة لرفاه المجتمع تتطلب مواجهة بحثية وسياسية تتناسب مع أهميتها.
النتيجة المباشرة لهذه الحال هي طبعاً الانخفاض في معدل عدد أفراد الأسرة[1]. فمعدل حجم الأسرة في لبنان انخفض من 5,4 أفراد سنة 1970 الى 4,1 سنة 2009 وهو ما زال الى انخفاض. وانخفضت بالتالي نسبة الأسر المؤلفة من 7 أشخاص (مثلاً أب وأم وخمسة أولاد) أو أكثر، من 20 في المئة من مجموع الأسر الى 4,4 في المئة خلال المدة نفسها، وارتفعت بالمقابل نسبة الأسر المؤلفة من شخص أو شخصين من 18 في المئة الى 22 في المئة. ولا شك أنّ هذا الارتفاع الأخير يعود بغالبيته الى ازدياد نسبة الأسر المؤلفة من أب وأم هاجر أبناؤهم الى الخارج يضاف إليهم العازبون والمطلقون والأرامل الذين يعيشون منفردين والذين هم في ازدياد متسارع، خاصة بين النساء، كما سنرى لاحقاً.
الزواج والعزوبة
لأسباب عدة، أهمها الإطالة في سنين الدراسة خاصة بين النساء، تضاف اليها في بلدنا المدة الطويلة لإيجاد عمل والتمكن من تأسيس عائلة، ارتفع سن الزواج في لبنان خلال العقود الماضية بشكل كبير بالنسبة للجنسين، ولكن خاصة بالنسبة للنساء. فسن الزواج الأول ارتفع بين الرجال من أقل من 29 سنة في العام 1970 الى أكثر من 32 سنة في العام 2007. أما بالنسبة للنساء فقد ارتفع سن الزواج الأول خلال المدة نفسها من 23 الى 28 سنة. هذه الارقام هي من الأعلى في العالم باستثناء بعض الجزر والدول الصغيرة جداً.
عندما نتكلم عن الزواج في لبنان، لا بد وأن نذكر تأثير الهجرة المكثفة التي يشهدها البلد على الزواج والعزوبة. فالهجرة الكثيفة التي تركزت على الرجال أخلّت بالتوازن بين الجنسين في سنين الزواج ما نتج عنه ازدياد كبير في عزوبة النساء لم يخفف منه سوى هجرة النساء العازبات التي بدأت تتزايد بدورها في العقدين الماضيين. نتيجة للخلل المذكور، إضافة لربما الى رغبة ناشئة بين الشباب لعدم الزواج، ارتفعت نسبة العازبين، أي الذين لم يتزوجوا أبداً، في كل الفئات العمرية، خاصة بين النساء. ولعل أكثر ما يُظهر هذا التطور هو نسب العازبين والعازبات في الفئة العمرية 45- 49 سنة، أي عندما تصبح أرجحية الزواج ضئيلة (الرسم رقم 1). لقد ارتفعت نسبة العازبين في هذه الفئة العمرية من 5,7 في المئة سنة 1970 الى 8,3 في المئة سنة 2007 بينما ارتفعت نسبة العازبات خلال المدة نفسها من 6,9 في المئة الى 15,6 في المئة، أي الى ضعف مستواها تقريباً بين الرجال، ما يعكس الى حد كبير النقص في عدد الرجال خاصة في أعمار الزواج بسبب الهجرة التي ما زالت بغالبيتها ذكورية.
لا بد من الاشارة هنا الى بعض الامور اللافتة في هذا المجال: أولاً أنّ نسب العزوبة في لبنان، خاصة بين النساء، هي الأعلى بين الدول العربية ولكنها لم تصل بعد الى المستويات المعروفة في معظم أوروبا وأميركا اللاتينية. ثانياً أنّ الفارق الكبير بين نسبة عزوبة النساء ونسبة عزوبة الرجال نادر وجوده في الدول الأخرى (باستثناء الدول العربية) إذ أن نسبة العازبين هي بالفعل أعلى من نسبة العازبات في معظم دول العالم.
الطلاق
تأثرت الأسرة منذ الحرب اللبنانية بالازدياد المتسارع للطلاق. فبحسب الإحصاءات الرسمية، بقيت نسبة المطلقين والمطلقات شبه ثابتة منذ ما قبل الحرب اللبنانية وحتى سنة 2004 ولكنها بدأت تزداد وبسرعة متزايدة منذ ذلك الحين (الرسم رقم 2).
اللافت هنا أيضاًهو أنّ نسبة المطلقات تبلغ مرتين تقريباً نسبة المطلقين، لأن المطلقين يعيدون الزواج أكثر من المطلقات لأسباب قد تكون اجتماعية بشكل خاص. فالرجل المطلق المتقدم نسبياً في السن قد يعاود الزواج من امرأة أصغر منه سناً، بينما الحالة نفسها بالنسبة للمرأة تعتبر نادرة إن لم نقل غير محبذة اجتماعياً.
ولكن رغم الازدياد المطرد والمتسارع في نسب المطلقين والمطلقات، فإنّ مستويات الطلاق في لبنان ما زالت هي الاخرى منخفضة بالنسبة للبلاد الأوروبية والأميركية ومعظم بلدان العالم الثالث. فنسب المطلقين والمطلقات في الفئة العمرية 45 ـ 49 سنة في لبنان، أي عند اكتمال العائلة بشكل كبير، ورغم أنها تتماشى مع النسب في العالم العربي، هي ما زالت بعيدة كثيراً عن مثيلاتها في فرنسا وأميركا والبرازيل (اختيرت لصفاتها التمثيلية) حيث تبلغ ما بين 5 و15 مرة مستوياتها في لبنان. غير أنّ الفارق بين أعداد المطلقات والمطلقين في هذه الدول هو أقل بكثير مما هو عليه في لبنان (والعالم العربي بشكل عام) وعدد المطلقين قد يتجاوز فعلياً عدد المطلقات في بعض الاحيان (البرازيل مثلاً).
الترمّل
نسب الترمل في لبنان بقيت ثابتة الى حد كبير منذ سبعينيات القرن الماضي إذ أنّ نسبة الأرامل، رجالاً ونساءً معاً، تبلغ تقريباً 6 في المئة من مجموع السكان البالغين من العمر 15 سنة وما فوق. غير أنّ الفارق في نسبة الأرامل بين الرجال والنساء، لافت لاتساعه. فمعدل نسبة الأرامل بين الرجال البالغين من العمر 15 سنة وما فوق خلال هذه المدة بلغ حوالي 1,6 في المئة بينما النسبة المقابلة للنساء بلغت حوالي 10 في المئة أي أكثر من 6 مرات نسبة الرجال (الرسم رقم 3). كيف يفسر ذلك؟ أولاً نسبة الترمّل تتأثر عادة بشكل رئيسي بالفارق في مدى الحياة بين الرجال والنساء. ففي كل الدول تقريباً تعمّر المرأة أكثر من الرجل ولذلك فإن نسبة النساء الارامل تفوق دائماً نسبة الرجال. ولكن هذا لا يفسر اتساع الفارق بينهما الذي نجده في لبنان والبلدان العربية. فالمرأة في لبنان تعيش كمعدل سنتين تقريباً أكثر من الرجل بينما تعيش في فرنسا سبع سنوات أكثر. برغم ذلك فإن نسبة النساء الارامل في فرنسا للفئة العمرية 60-64 سنة هي أقل من 4 أضعاف نسبة الرجال مقارنة بـ 6 أضعاف في لبنان. إن السبب الأساسي في الفارق الكبير بين نسب الترمل بين النساء والرجال في لبنان هو أيضاً أن الرجال الارامل يعاودون الزواج أكثر بكثير من النساء الارامل لأسباب اجتماعية بشكل خاص.
خاتمة
في الخلاصة، فإنّ الأسرة في لبنان تتغير بشكل كبير ومتسارع تحت وطأة العوامل الاقتصادية والاجتماعية، إضافة الى عامل الهجرة الشبابية المكثفة. فالأسرة الممتدة المؤلفة من أب وأم وثلاثة أبناء، ذات العلاقة العضوية بالجدين ولربما الأقارب المقربين الآخرين، والتي كانت سمة الأسرة التقليدية بامتياز حتى سبعينيات القرن الماضي، كانت تشكل حلقة رئيسية في شبكة الأمان الاجتماعي، تحتضن كبار السن، مادياً وعاطفياً، وتوفر لأعضائها الكثير من الأمان المادي والمعنوي. حتى الشباب العاطل عن العمل كان يتلقى منها دعماً نوعياً ومادياً يكتسب أهمية استثنائية في غياب التأمين ضد البطالة الذي توفره الدولة في بلدان أخرى. هذه الأسرة الممتدة ضعفت كثيراً وما زالت تتراجع لمصلحة الأسرة النواتية التي بدأت بدورها تتخذ أشكالاً جديدة تتكاثر وتتنوع مع الوقت، كلها تقريباً تنطوي على تراجع في شبكة الامان.
فالأسرة المؤلفة من شخص أو شخصين، والتي أصبحت تشكل حوالي ربع مجموع الأسر في لبنان، والتي تزداد نسبتها بشكل مستمر، لم تعد فقط، أو بشكل رئيسي، لمتزوجين جدد لم ينجبوا أطفالاً بعد كما في الماضي، بل أيضاً، وبشكل متزايد، لأشخاص يعيشون في ترتيبات معيشية أخرى.
إنّ ازدياد نسب هذه الأسر هو بالطبع على حساب الأسرة الممتدة والكثير منها أصبح يفتقد شبكة الأمان التي كان يوفرها ذلك النوع من الأسر، أو حتى التي كانت توفرها الأسرة النواتية التي لم يهاجر أبناؤها. فكبار السن مثلاً، خاصة الأزواج والمطلقين والأرامل والعازبين، حتى ولو حصلوا على تحويلات من الخارج، يفتقدون الى العاطفة التي توفرها الأسرة، وتبعدهم عن الوحدة، كما قد يفتقدون الى العناية الأسرية التي كثيراً ما تستبدل بعناية دور المسنين ودور العجزة التي، بسبب الازدياد الكبير للمسنين نتيجة عملية التعمّر المتسارعة، والتراجع في العناية التي توفرها الاسرة، أصبحت لا تتسع للطلب الكبير عليها وصارت مدة الانتظار في كثير من الأحيان تتجاوز توقعات الحياة عند طالب المأوى.
إنّ هذه التغيرات في طبيعة الأسرة اللبنانية بعضها محتوم لا مفر منه (مثلاً التغيرات الناتجة عن التعمّر) وبعضها الآخر يعالج بسياسات تنموية (مثلاً المشكلات الناتجة عن البطالة والهجرة). ولكن الكثير من نتائجها السلبية، خاصة تلك المتعلقة بالتمزقات في شبكة الأمان الاجتماعي، يعالج بسياسات اجتماعية اقتصادية معروفة سبقتنا اليها العديد من المجتمعات الغربية وغيرها.
إن هذه الدراسة لا تفعل سوى أن تخدش سطح المشكلة على أمل أن تلفت نظر الباحثين والمسؤولين الى مشكلات حاصلة ومنتظرة نعتبرها ذات أهمية كبيرة لرفاه المجتمع تتطلب مواجهة بحثية وسياسية تتناسب مع أهميتها.
[1] بلغة
الديمغرافيين "الاسرة المعيشية" هي مجموعة أشخاص يعيشون في منزل واحد
بصرف النظر عن القرابة بينهم، و "العائلة" هي مجموعة ذات قرابة مباشرة
قد لا تسكن في بيت واحد. ألاحصاءات المذكورة هي للاسر المعيشية علماً بأنه في
غالبية الاحيان تكون الاسرة المعيشية متطابقة مع العائلة النواتية.
الرسم رقم 1
The Lebanese household is changing and losing its social security net
Fertility of Lebanese has been declining rapidly and has reached 1.6 children per woman which is less than replacement (2.1). One result is a shrinking in the size of the typical household. The traditional household of parents with three children which used to account for about 20 per cent of total constitutes now only about 4 per cent of the total households. The fastest rising group are the one and two person households which is approaching the quarter of the total and rising rapidly.
The intensive migration of young men has doubled the rate of celibacy among women, a trend that is being slowed down somewhat by the relatively new phenomenon of emigration of young unmarried women. Still, the proportion of never married women in the ages of 45-49 is twice that of men in the same ages.
Divorce rates are also on the rise although still at an early stage compared with Europe and other parts of the world. However, here also the number of divorced women is twice as high as divorced men mainly because men remarry much more often than women.
When it comes to widowhood, there are 5 times more widows than widowers, partly because women live on average 4 years more than men but mostly because a widower is much more likely to get married agian than a widow.
All these changes negate the old system of safety net presented by the traditional extended family. Even the nuclear family is changing in the same direction. The one and two person families are not anymore composed mainly of young married couples who have not reproduced yet but mainly of never married, divorced, widows and parents whose children have emigrated. These households are mostly headed by women and are generally of older people. Old people homes have waiting lists that often exceed the expectation of life of the applicants. In the absence of public assistance in the form of old age pension or widespread social security and other measures, the situation is becoming increasingly perecarious necessitating urgent public attention.
<script>
(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){
(i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o),
m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m)
})(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga');
ga('create', 'UA-52552057-1', 'auto');
ga('send', 'pageview');
</script>
<script>
(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){
(i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o),
m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m)
})(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga');
ga('create', 'UA-52552057-1', 'auto');
ga('send', 'pageview');
</script>
No comments:
Post a Comment