12 أيلول 2019
لماذا ذهب بولتون؟
عندما جاء بجون
بولتون كمستشار للأمن القومي، ومايك بومبيو كوزير للخارجية، في صيف 2018، كانت
سياسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الخارجية في المفاوضات الرئيسية التي كان
يقودها، خصوصاً بالنسبة لأفغانستان، وإيران وكوريا الشمالية والصين، تتطلب وضع
أقسى درجات الضغوط على هذه الدول من أجل إضعافها ومن ثم بدء المفاوضات معها.
تيلرسون ومكماستر، وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي في حينه، لم يكونا أهلاً
لمثل هذه السياسة الفجة فاستبدلهما ترامب ببولتون وبومبيو المتشددين للقيام بهذه
المهمة. هذه الطريقة في التفاوض لم تنجح مع هذه الدول. فالطالبان ما زالوا يحاربون
بشدة وهم يفاوضون، ما أضطر ترامب لإيقاف المفاوضات (موقتاً على الأغلب). كوريا ما
زالت توسع عملها في المجال النووي وتطلق الصواريخ بين الحين والآخر. إيران ما زالت تتحدى
أميركا بطرق مختلفة وترفض الجلوس الى طاولة المفاوضات قبل أن ترفع أميركا العقوبات
عنها. والصين صامدة ولو تأثر اقتصادها وقد بدأ موقفها هذا يهدد الاقتصاد الأميركي.
ترامب المعروف بتغيير سياساته بسرعة (وقد كتبت النيويورك تايمز أخيراً مقالاً كاملاً بهذا المعنى)، يواجه اليوم انتخابات رئاسية ستجرى في تشرين الثاني من العام المقبل. شعبيته بدأت تتراجع، وقد اظهر آخر استطلاع أن نسبة مسانديه انخفضت من 43 بالمئة إلى 38 بالمئة ما لا يمكنه من النجاح في الانتخابات. وكلما اقترب يوم الاقتراع كلما احتاج إلى انجاز يرفع من نسبة مؤيديه، وقد خصص كل طاقاته وطاقات البيت الأبيض لإنجاحه في الانتخابات، كما لم يفعل أي رئيس أميركي من قبل. بالنسبة للمستشارين فالحاجة اليوم ليست لمستشارين متشددين بل لمستشارين يستطيعون تحقيق إنجازات في المفاوضات بأي ثمن، ما لا يتوافر في بولتون ولربما أيضا في بومبيو.
ترامب المعروف بتغيير سياساته بسرعة (وقد كتبت النيويورك تايمز أخيراً مقالاً كاملاً بهذا المعنى)، يواجه اليوم انتخابات رئاسية ستجرى في تشرين الثاني من العام المقبل. شعبيته بدأت تتراجع، وقد اظهر آخر استطلاع أن نسبة مسانديه انخفضت من 43 بالمئة إلى 38 بالمئة ما لا يمكنه من النجاح في الانتخابات. وكلما اقترب يوم الاقتراع كلما احتاج إلى انجاز يرفع من نسبة مؤيديه، وقد خصص كل طاقاته وطاقات البيت الأبيض لإنجاحه في الانتخابات، كما لم يفعل أي رئيس أميركي من قبل. بالنسبة للمستشارين فالحاجة اليوم ليست لمستشارين متشددين بل لمستشارين يستطيعون تحقيق إنجازات في المفاوضات بأي ثمن، ما لا يتوافر في بولتون ولربما أيضا في بومبيو.
اعترض بولتون على صواريخ كوريا الشمالية وبرنامجها النووي ولكن ترامب تجاهلها ولم يعتبرها مهمة. ترامب يريد ان يرتب مستشاروه لقاء مع الرئيس الايراني حسن روحاني وبولتون يريد تغيير النظام في إيران (كما كان يريد ترامب عندما عينه في منصبه). عندما اسقطت إيران طائرة مسيّرة أميركية أقنع بولتون ترامب بضرب بعض المواقع الحساسة في إيران فوافق، ولكن قبل دقائق من تنفيذ المهمة غيّر ترامب رأيه لأن أي ضربة قد تؤخر لقاء مع روحاني أو تفاهماً ولو مبدئياً مع إيران يساعده في الانتخابات. في أفغانستان يضغط ترامب على مفاوضه هناك خليل زادة للوصول إلى أي تفاهم مع طالبان يؤدي إلى سحب قسم كبير من الجيش الأميركي هناك في منتصف المعركة الانتخابية، بينما بولتون لا يريد الانسحاب من أفغانستان في الوقت الحاضر وقال لترامب: إذا كنت مصراً على انسحاب قوات كبيرة من أفغانستان فافعل ذلك، ولكن من دون ان تعطي طالبان اعترافاً بسيطرتها على أفغانستان. وما أثار غضب بولتون وغيره الكثير من السياسيين الأميركيين هي دعوة ترامب لطالبان للمجيء الى كامب دايفيد للمفاوضات النهائية قبل يومين من ذكرى حادثة 11 أيلول 2001 التي راح ضحيتها 3000 أميركي، ولامت أميركا طالبان ولو بشكل غير مباشر (وقد سحب الدعوة بحجة مقتل عسكري أميركي من قبل الطالبان).
مختصر الامر اثنان: أولاً أن ذهاب بولتون هو نتيجة تغيير في السياسة الخارجية الأميركية وليس سبباً للتغيير، فسياسة ترامب اليوم هي تحقيق انجاز في السياسة الخارجية بأي ثمن بهدف النجاح في الانتخابات وهذا لم يعد يتماشى مع مواقف المتشددين أمثال بولتون ولذلك استقال هذا الأخير، أو أقيل لا فرق، وقد يكون هناك آخرون قريباً. ثانياً أن السنة الانتخابية القادمة، ستشهد محاولات أميركية جادة لتحقيق خروقات في المواجهات بينها وبين الدول المناوئة لها، بخاصة أفغانستان وإيران، ما قد يخفف الاحتقان الذي تشهده هذه المنطقة من العالم.