Sunday, September 8, 2019

إسرائيل قسمت اليهود






إسرائيل قسّمت اليهود
7 أيلول 2019
من المسلّمات أن أكثر جالية دينية تعاضداً بين الموحدين هي الجالية اليهودية. فالانقسامات الإسلامية والمسيحية أوصلت إلى حروب داخل كل طائفة بينما الحروب اليهودية اليهودية غير معروفة في التاريخ الحديث. عند تأسيس إسرائيل وبعدها مباشرة توحّد اليهود سياسياً دفاعاً عن الدولة العبرية، خصوصاً بعد انتشار خبر الهولوكوست وما حصل لليهود في معظم انحاء أوروبا قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها.

طبعاً منذ البداية، أي تقسيم فلسطين وتأسيس دولة إسرائيل، كانت هناك أصوات يهودية معادية لوجودها لأسباب دينية وفلسفية ولكنها كانت محدودة.

الانقسام السياسي الأول حصل حول حلّ الدولتين. كان هناك لوبي أساسي واحد لإسرائيل في أميركا هو لجنة إيباك التي تأسست سنة 1951، أي بعد 3 سنوات فقط من تأسيس دولة إسرائيل، وجمعت الليكوديين بين اليهود الاميركيين ونجحت في استقطاب الجمهوريين واليمينيين بين أعضاء الكونغرس. ولكن في سنة 2007، تأسست منظمة "جاي ستريت" التي تطالب بسلام بين العرب وإسرائيل على أساس دولتين، عربية واسرائيلية، تعيشان بسلام جنباً إلى جنب. دولة واحدة، كما يطلب الليكوديون، لا بد أن تصبح في النهاية، بالنسبة لـ"جاي ستريت"، دولة فصل عنصري، ابرتايد، كما كانت دولة جنوب أفريقيا.

الانقسام الثاني الكبير الذي حصل، هو بين اليهود الأميركيين الشباب من جهة، وكبار السن من جهة أخرى. فالشباب اليهودي الأميركي بدأ، من أوائل السبعينات، ينخرط اجتماعياً في المجتمع الأميركي بما في ذلك الزواج من ديانات أخرى. قبل ذلك الوقت، بالكاد كان هناك زواج مختلط بين اليهود والآخرين، وفي الحالات النادرة عند حصوله، كان الاهل كثيراً ما يتبرأون من أبنائهم أو يقيمون العزاء عن أرواحهم كأنهم توفوا.

في أوائل السبعينات، 13% من اليهود في أميركا كانوا متزوجين من غير اليهود. اليوم تجاوزت هذه النسبة 60%. أضف الى ذلك ان نسبة الزواج بين اليهود الاميركيين هي أقل من المعدل العام وأن الغالبية الساحقة من أصحاب الزواج المختلط يربّون أولادهم حسب الديانة غير اليهودية، ما جعل كثيراً من القيادات اليهودية الأميركية تصف هذه الحالة بـ "الإبادة الجماعية،" والبعض من المتطرفين منهم بـ "الهولوكوست الثاني".

هذا الجيل الجديد لا يتأثر كما الجيل السابق بمسألة الهولوكوست، ولا تعني له إسرائيل ما تعنيه لآبائه.

في استطلاع حديث سئلت مجموعة عشوائية من اليهود الأميركيين إذا كانوا "متعلقين جداً" بإسرائيل فأجاب بالإيجاب 11 بالمئة من الشباب 18-34 سنة من العمر بينما أجاب الإجابة نفسها 45% من الكبار، 45 سنة وما فوق. واظهر الاستطلاع نفسه أن 40 بالمئة من الشباب فقط "يشعرون بارتياح لفكرة دولة يهودية".

أما الانقسام الثالث فهو بين يهود أميركا ويهود إسرائيل. فبينما يهود إسرائيل هم في غالبيتهم إما ليكوديون، وإما مستوطنون متعصبون، وإما متدينون متطرفون يسعون لتوسيع الرقعة التي تحتلها إسرائيل، نجد أن غالبية يهود أميركا، لديهم هموم مختلفة مثل تلك المتعلقة باللاسامية، وبحركة تفوق البيض (الحركة لا تشمل اليهود أو المسلمين بين البيض) المعادية لهم والتي تستعمل العنف ضدهم، والذي ازداد بشكل كبير بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للجمهورية سنة 2016. ففي سنة 2017، ارتفع عدد الاعتداءات على اليهود في أميركا 57%، وفي سنة 2018 قتل 59 يهودياً مدنياً نتيجة هذه الاعتداءات، بما في ذلك الذين قتلوا في كنيس شجرة الحياة في بيتسبرغ تلك السنة وهو الهجوم الأكثر دموية على اليهود في تاريخ الولايات المتحدة.

هذه التغيرات الكبيرة داخل الجالية اليهودية في أميركا، دفعت اللوبي العربي هناك، رغم ضعفه، الى التنسيق مع حركة "جاي ستريت" في دعم فكرة الدولتين، وفكرة السلام العادل بين الفلسطينيين وإسرائيل، وحتى التعاون مع بعض المجموعات اليهودية في حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية (BDS). في المقابل لم تسجل أي محاولة من قبل الدول العربية لاستغلال هذا الانقسام.

No comments:

Post a Comment