6 نيسان 2020
ماذا عن العالم بعد كورونا؟
الجائحة أظهرت أن علماء الطب هم الأبطال
الحقيقيون
قبل أن تصل جائحة فيروس "كورونا" الى أوجها، بدأ الناس
يسألون: كيف سيكون العالم بعد أن يتم التغلب عليها؟ مجلة "بوليتيكو"
الأميركية تواصلت الشهر الماضي مع 43 "مفكراً شمولياً ذكياً" لتجمع
خلاصة آرائهم في الموضوع. تبعتها مجلة "فورين بوليسي" التي طرحت السؤال
نفسه على "12 من قياديي فكر العولمة"، وكذلك فعل موقع
"الجزيرة" من خلال طرح السؤال على "خبراء في مجالات التكنولوجيا
والاقتصاد والطب والسياسة". الأفكار التي طرحها هؤلاء الخبراء تراوحت بين
مجتمعات مستقبلية تتواصل عن بعد إلى تغير في موازين القوى في العالم.
مما لا شك فيه أن أزمة "كورونا "العالمية سيكون لها آثارها على العالم لأمد طويل، كما كان للأزمات العالمية الماضية. الحرب العالمية الأولى، على سبيل المثال، استولدت فيما استولدت، عصبة الأمم. الحرب العالمية الثانية استولدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. حتى حادثة 11 أيلول 2001 في أميركا، نجمت عنها حروب يصعب حتى اليوم انهاؤها.
بالنسبة لجائحة "كورونا" فإن آثارها على العالم تبدأ على مستوى عادات المجتمع. هل سنعود إلى السلام باليد والعناق والتقبيل عندما نلتقي بالأصدقاء؟ بالنسبة للكثيرين ستتغير هذه العادات لمدة، وستطال بالأخص الذين عاشوا مدة الكفاح ضد "كورونا". السؤال هو: ما هي العادات الجديدة التي سيكون لها تأثير طويل، وما هي التي ستعود الى ما كانت عليه بعد مدة، خاصة بين الجيل الجديد الذي لم يعش تفاصيل الحرب التي خاضها الذين جاؤوا قبلهم؟ خلال الحرب العالمية الثانية اضطر الناس الى تقنين مشترياتهم وترشيد نفقاتهم ولكن عادت، بعد الحرب بقليل، المجتمعات الاستهلاكية وبشكل أقوى مما كانت عليه قبل الحرب. في المقابل خلقت الحرب حاجة لليد العاملة فاستقطبت النساء ورفعت من مستوى اشتراكهنّ في الإنتاج ما أسس لثورة كبيرة تمثلت بخروج النساء من العمل المنزلي ودخولهن العمل الاقتصادي، وهذه الثورة ما زالت تتفاعل حتى يومنا هذا.
الحجر القسري في المنازل لن يجعل التعلم عن بعد، مثلاً، يجتاح مجال التعليم إذ سيعود التلاميذ الى مدارسهم التقليدية، ولكن من دون شك سيعطي دفعاً كبيراً للاستعمال الاوسع بين الناس لتكنولوجيا المعلومات وللعمل على الحاسوب، للبحث والتسلية، ليس فقط للصغار بل بين الكبار الذين يخضعون هم أيضاً للحجر في منازلهم.
ولعل الأهم هو التغيرات التي ستحصل في مجال الحوكمة وفي الأولويات التي تحكم عالمنا اليوم.
مما لا شك فيه أن أزمة "كورونا "العالمية سيكون لها آثارها على العالم لأمد طويل، كما كان للأزمات العالمية الماضية. الحرب العالمية الأولى، على سبيل المثال، استولدت فيما استولدت، عصبة الأمم. الحرب العالمية الثانية استولدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى. حتى حادثة 11 أيلول 2001 في أميركا، نجمت عنها حروب يصعب حتى اليوم انهاؤها.
بالنسبة لجائحة "كورونا" فإن آثارها على العالم تبدأ على مستوى عادات المجتمع. هل سنعود إلى السلام باليد والعناق والتقبيل عندما نلتقي بالأصدقاء؟ بالنسبة للكثيرين ستتغير هذه العادات لمدة، وستطال بالأخص الذين عاشوا مدة الكفاح ضد "كورونا". السؤال هو: ما هي العادات الجديدة التي سيكون لها تأثير طويل، وما هي التي ستعود الى ما كانت عليه بعد مدة، خاصة بين الجيل الجديد الذي لم يعش تفاصيل الحرب التي خاضها الذين جاؤوا قبلهم؟ خلال الحرب العالمية الثانية اضطر الناس الى تقنين مشترياتهم وترشيد نفقاتهم ولكن عادت، بعد الحرب بقليل، المجتمعات الاستهلاكية وبشكل أقوى مما كانت عليه قبل الحرب. في المقابل خلقت الحرب حاجة لليد العاملة فاستقطبت النساء ورفعت من مستوى اشتراكهنّ في الإنتاج ما أسس لثورة كبيرة تمثلت بخروج النساء من العمل المنزلي ودخولهن العمل الاقتصادي، وهذه الثورة ما زالت تتفاعل حتى يومنا هذا.
الحجر القسري في المنازل لن يجعل التعلم عن بعد، مثلاً، يجتاح مجال التعليم إذ سيعود التلاميذ الى مدارسهم التقليدية، ولكن من دون شك سيعطي دفعاً كبيراً للاستعمال الاوسع بين الناس لتكنولوجيا المعلومات وللعمل على الحاسوب، للبحث والتسلية، ليس فقط للصغار بل بين الكبار الذين يخضعون هم أيضاً للحجر في منازلهم.
ولعل الأهم هو التغيرات التي ستحصل في مجال الحوكمة وفي الأولويات التي تحكم عالمنا اليوم.
هناك خطر كبير على الحريات في البلدان الديموقراطية. فالشعوب إذا تعرضت للخطر، تصبح متسامحة أكثر فيما يتعلق بحرياتها الشخصية والمجتمعية. هذا ما حصل في أميركا مثلا بعد حادثة 11 أيلول 2001، إذ سمح شعبها للحكومة باتخاذ إجراءات لم تكن تتخذ إلا في الأنظمة الديكتاتورية، ناهيك عن السماح لها بالدخول في حروب عبثية ما زالت قائمة حتى اليوم. بالمقابل فالدول الديكتاتورية ستستغل ما حدث لمضاعفة الحد من الحريات، ولاستعمال التكنولوجيا الحديثة لمتابعة تحرك المواطنين بحجة حمايتهم من المخاطر الخارجية.
عندما بدأ وباء "كورونا" يجتاح العالم كانت الصين تسعى جاهدة للحلول مكان أميركا كأكبر اقتصاد في العالم، إضافة إلى جعل اليوان الصيني يأخذ مكان الدولار الأميركي كعملة الاحتياط الرئيسية لدى المصارف المركزية الكبرى. لهذا الغرض عملت الصين على تأسيس اتحادات اقتصادية (بريكس والاتحاد الاورو - آسيوي) وشجعت دولاً كإيران وروسيا على التعامل معها باليوان ولو جزئياً. أوروبا بدورها أسست آلية (إنستكس) للتعامل مع إيران بمقايضة البضائع دون استعمال العملات ومنها الدولار الأميركي وقد تفعلت هذه الآلية في أول الشهر الحالي. يظهر اليوم أن الاقتصاد الأميركي سيكون أحد الاقتصادات الأكثر تأثراً بجائحة "كورونا" ما سيعني أن الجهود الصينية والاوروبية في هذا المجال ستصبح أكثر فعالية وأن الهيمنة الاقتصادية والنقدية الأميركية ستتراجع في حقبة ما بعد "كورونا"، وهذا ما يتنبأ به كثيرون من المتابعين الاقتصاديين حول العالم.
الضحية الأكبر لجائحة "كورونا" ستكون، أو يجب أن تكون، الأولويات التي وضعتها الدول الكبرى لنفسها وللعالم. أظهرت الجائحة، مثلا، أن باستطاعة أميركا أن ترسل صاروخا الى استراليا يصيب هدفه بدقة كبيرة ولكنها لا تستطيع ان تنتج كفايتها من كمامات للعاملين في القطاع الصحي، ما زاد الوفيات بينهم وبين مرضاهم. روسيا، أول دولة وصلت إلى القمر، تبحث اليوم عن أجهزة تنفس لتفادي موت مواطنين لها مصابين بالفيروس. هل سيبقى من المقبول أن تحصل مغنية أميركية أو نجم هيب هوب أو لاعب كرة قدم على دخل سنوي يتجاوز 150 مليون دولار بينما معدل دخل عالم الطب أو عالم الفيروسات لا يصل الى 100 ألف دولار؟
هذه الجائحة أظهرت من هم الابطال الحقيقيون في العالم عندما وقف عشرات الآلاف من الصينيين على جانبي الطريق، بعيون دامعة، ليحيّوا الأطباء والممرضين والممرضات والمسعفين وهم يخرجون من ووهان بعدما تغلبوا على الفيروس.
No comments:
Post a Comment