قانون "قيصر" وتبعاته
18 حزيران 2020
"قانون
قيصر لحماية المدنيين السوريين 2019" وضعه الكونغرس الأميركي، بمساندة الحزبين
الجمهوري والديموقراطي، سنة 2014. وبعد أخذ وردّ، دمج هذا القانون مع قانون الدفاع
لسنة 2020 الذي وقّعه الرئيس دونالد ترامب في كانون الأول الماضي، على أن يُصبح
نافذاً في 17 حزيران (أمس). يترك القانون مسألة تطبيق مواده لرئيس الجمهورية كما
يرى ما تدعوه الحاجة، وينتهي العمل بالقانون بعد خمس سنوات من اليوم. لن يبدأ إذاً
تطبيق القانون مباشرة، بل سيكون بمثابة سيف ديموقليس المُصلت على النظام السوري
والمتعاونين معه.
يسمح القانون لرئيس الجمهورية
باستهداف الحكومات والشركات والأشخاص الذين يتعاملون أو يُموّلون، بشكل مباشر أو
غير مباشر، نظام الأسد، أو يساعدون النظام في حملاته العسكرية، بعقوبات اقتصادية
ومالية، وبمقاطعة أميركا التعامل معهم. لم تعُد السياسة الأميركية المعلنة تُطالب
بتنحية الأسد، ولكنّ للقانون أهدافاً نهائية تؤدي الى رفع العقوبات:
1ـ إيقاف الحملة الجوية السورية
الروسية.
2ـ السماح بالمساعدات الإنسانية في
المناطق التي تسيطر عليها القوات السورية أو الروسية أو الإيرانية.
3ـ الإفراج عن جميع السجناء السياسيين.
4ـ الالتزام بالمعاهدات المُتعلّقة
بالأسلحة البيولوجية والنووية والكيمائية.
5ـ تسهيل العودة الطوعية للنازحين.
6ـ إنشاء
عملية حقيقية للمساءلة والمصالحة الوطنية.
العقوبات الاقتصادية الأميركية ليست
بالطبع جديدة على الحكومة السورية، بل هي بدأت منذ سنة 1979، عندما وضعت أميركا
سوريا على لائحة الدُول الراعية للإرهاب. منذ ذلك الحين، وهناك عقوبات تحدّ من
التجارة السورية الدولية، ومن بيع البترول، إضافة الى عقوبات على أشخاص أمنيين
وأصحاب أعمال. ولكنّ العقوبات الجديدة المشمولة بقانون "قيصر" تُوسّع
دائرة العقوبات الى حكومات وشركات وأشخاص يتعاونون، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة،
مع الحكومة السورية، من دون تفصيل كبير في ما تعنيه هذه الكلمات، ما يُعطي رئيس الجمهورية
الأميركية مساحة كبيرة للتحرّك في هذا المجال. القانون الجديد لن يكون له تأثير
كبير على الحكومات والشركات الأوروبية، لأن تعاملها مع الحكومة السورية محدود جداً
والدول الأوروبية مُشاركة، على كل حال، في بعض العقوبات على سوريا. كيف ستتعامل
روسيا مع القانون الجديد؟ هذا موضع تساؤل، ولكنّه لا شك سيُكثف المفاوضات الجارية
بين أميركا وروسيا بشأن سوريا، ولو أننا سنشهد مُواجهات كلامية بينهما في المُستقبل
المنظور. التأثير الأساسي خارج سوريا سيكون على دول المنطقة. الإمارات العربية
المتحدة، على سبيل المثال، فتحت علاقات مع سوريا منذ مدّة، تُوجت بزيارات متبادلة
لرجال أعمال من الدولتين. وهناك أخبار موثقة عن مُستثمرين سعوديين وكويتيين أسّسوا
شركات مع نظرائهم السوريين في مجالات عدة.
غير أن التأثير الأكبر سيكون على
لبنان طبعاً.
أولاً: ماذا سيكون تأثير القانون
الجديد على النازحين السوريين؟ المتفائلون، خصوصاً بعض المُعلّقين الأميركيين،
يعتبرون أن قانون "قيصر" سيضع ضغوطاً كبيرة على الحكومة
السورية لإعادة النازحين، أقلّه كترضية للأميركيين الذين وضعوا هذه العودة الطوعية
والآمنة لهؤلاء كشرط أساسي في قانون "قيصر" لرفع العقوبات.
ثانياً: لا شك أن قانون قيصر سيُعيق
البدء بإعادة إعمار سوريا، ما سيُحبط الكثير من الشركات اللبنانية التي تأمل في
المشاركة بهذه العملية، وقد بدأ بعضها بالتحضير الفِعلي لها.
ثالثاً: الضغوطات المالية على الليرة
السورية كثّفت تهريب الدولارات الى سوريا وكان من اللافت التطابق البياني للعملة
اللبنانية. يحاول البنك المركزي اللبناني ضبط هذه العملية ولكن مدى نجاحه ما زال
غير مؤكّد.
رابعاً: يقول بعض المُعلّقين
الأميركيين القريبين من الإدارة الأميركية، إن العقوبات لا بدّ وأن تطال بعض
الشخصيات والأحزاب اللبنانية. وبحسب هؤلاء، فقد تستبعد الإدارة الأميركية، على
الأقلّ في المراحل الأولى، شخصيات رسمية لبنانية من الصفّ الأول، أو حتى
المُلتصقين بها، ولكنها قد تشمل سياسيين من الصفّ الثاني، ومسؤولين رئيسيين في
أحزاب قريبة تقليدياً من سوريا، تترافق مع تكثيف العقوبات على "حزب الله".
No comments:
Post a Comment